​الظل والجسد المترنّح

​الظل والجسد المترنّح

​الظل والجسد المترنّح

 عمان اليوم -

​الظل والجسد المترنّح

بقلم : عروبة الحباشنة

كان ظلها يحاول استنطاق روحها من بذخ حزنه عليها، فهو الصديق والصدوق في كل معاناتها السالفة والآنية، يعي خطواتها المتثاقلة في كل منعطفات حياتها المتأرجحه رغما عنها، يسير معها كيفما يميل كتفها وهي تحمل الأغراض الثقيلة في يدها اليمنى وفي اليسرى طفلها الصغير (يعرب).

تمضي باتجاه (البسطة) بعدما أخذت من مكتب المعونة الوطنية ما لا يكفي طعاما أو كسوة عيد لأطفالها الصغار.

على رصيف العمر الضائع، والشمس النازفة مثل خيط بنفسجي حارق يؤرق جبهتها ويدميها؛ تسأل البائع المسن بتعب:

- كم سعر بنطالين لعمر الخامسة والسادسة؟

يجيبها بفجاجة:

- خمسة عشر دينارا بسعر الجملة يا سيدتي 

فكرت كثيرا وقتها، خمسة عشر دينارا لعيد أطفالي، ستعسرني حقا، هل أدفع بما تبقى أجرة منزل أو كهرباء أو دواء زوجي العاجز أو مريول مدرسة لزيد أو دجاجة صغيرة أعوض بها ما مضى من الشهر وأفرح قلبهم المتعب، لعن الله الفقر، اللهم الصبر.

التفتت إلى البسطة المجاورة، ووجدت ألعابا متفرقة، تقدمت خطوات قليلة ثم اشترت سيارة بلاستيكية صغيرة واتجهت عائدة صوب البيت.

ركض الأطفال نحو الباب بعد استشعارهم قدوم والدتهم، حضنوا الجسد المترنح بؤسا ومعاناة، كان الزوج يرسم بقلم رصاص رجلا يقف بجوار غيمة ويلوح للقدر!

لم تكن تجرؤ على الحديث معه إلا أن هو هم بمناداتها، فقد كان معطوبا نفسيا بالإضافة إلى عجز قدميه على الحركة، نظرت إليه مبتسمة، خاطبها يائسا:

- أتراني أهدي للعيد أتراحي، وقلبي أمام رقة أطفالي الجياع، ملوعا

لم تجبه بحرف واحد، فقد وضعت رضيعها الصغير على صدرها وهمت بالغناء له حتى يهدأ وينام بعد رحلة يوم شاق أسفل شمس الوطن، إنه وطن التأهب والتوجس، وطن الأوجاع تلك التي لا تحتمل خديعة أو خطيئة أكثر.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

​الظل والجسد المترنّح ​الظل والجسد المترنّح



GMT 09:49 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الشرق والازداوجية البلهاء

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab