مكاتب الإصلاح الأسري بين الضرورة والتنفيذ

مكاتب الإصلاح الأسري بين الضرورة والتنفيذ

مكاتب الإصلاح الأسري بين الضرورة والتنفيذ

 عمان اليوم -

مكاتب الإصلاح الأسري بين الضرورة والتنفيذ

بقلم : المحامية مرام المغالسة

أنشئت مكاتب إصلاح وتوفيق أسري في المحاكم الشرعية للنظر في النزاعات الأسرية المحالة إليها من المحاكم الشرعية أو بطلب مباشر من الأطراف المتنازعة بحيث يقوم قاضي الإصلاح ببذل الجهد للصلح أوالتوفيق بالكيفية المناسبة مع الاستعانة بخبراء؛ وقد تضمن نظام مكاتب الإصلاح والتوفيق الأسري لعام 2013 مفهومين: أولهما: الإصلاح وهو إصلاح ذات البين وإعادة الحياة الزوجية بين الطرفين، وثانيهما: التوفيق وبذل الجهد لتقريب وجهات النظر للوصول لاتفاق قانوني نافذ ذو حجة قضائية وفقا لقانون الأحوال الشخصية . وفي حال لم تفلح مكاتب الإصلاح بالإصلاح أوالتوفيق يتم إعادة الأطراف المحالة للمحاكم المحيلة واعادة الأطراف المبادرة لمراجعة المحاكم المختصة وفق الحاجة .
 
ورغم حمل دائرة قاضي القضاة عبء التوفيق والإصلاح الأسري متفردة وعلى عاتقها إلا أن ذلك لا يخرج الإصلاح من كونه مشروعا وطنيا يتطلب تكاتف جهود المختصين على مستوى المؤسسات الحكومية واللاحكومية، بما يرتقي باللحمة الأسرية والأمان العائلي مع حماية الحلقات الأضعف منها رجالا كانوا أم نساء وبما يحمي المصلحة الفضلى للأجيال الناشئة ؛ لأن التوفيق هو تعزيز للغة الحوار المنتج والصريح بين أفراد الأسرة وهو تحفيز حس مسؤولية الفرد أمام نفسه وأسرته، بما يتطلب تشاركية برامجية على مستوى الوطن لاختلاف احتياجات افراد الأسرة وتشعب الإختصاصات في وقتنا الآني .

ورغم وجود احتياج مجتمعي عظيم لمبادرة الإصلاح والتوفيق إلا أنها مازالت تجربة غضة تحتاج مزيدا من الدعم والتحديث وفق التالي :ـ

اولا :ـ الأصل في فكرة الإصلاح التعميم لا التخصيص من حيث التوزيع الجغرافي ؛ حيث مازالت مكاتب الإصلاح موجودة في جزء يسير من المحاكم الشرعية وهذا يعيق مراجعي المحاكم الشرعية في المناطق الأخرى من الوصول لخدمات التوفيق والإصلاح .

ثانيا :ـ الأصل في الإصلاح الأسري أن يكون خط الوفاق القانوني الأول لمراجعي المحاكم الشرعية بما يرتب عدم تسجيل قضايا شرعية إلا بعد تمام مساعي التوفيق والإصلاح حتى يتسنى دعوة الأطراف وتقديم المشورات القانونية والمختصة لهم قبل الإحالة للقضاء وانفلات البغضاء؛ وبذلك يحقق المشروع هدفه بالإصلاح ويردع عن القضاء الشرعي الكثير من القضايا المتفرقة التي لا تتطلب إلا مزيدا من الوقت والجهد، لكون الإصلاح والتوفيق ينظر في عدة مطالب قانونية في مجلس واحد، بما يجنب تشتيت تسجيل قضايا الأسرة الواحدة عند أكثر من هيئة قضائية بما يرهق المتداعيين.

ثالثا :ـ إن اقتصار خدمات مكاتب الإصلاح على الطلب الثنائي يحرم عددا من الأسر من فرص الإصلاح والتوفيق ؛ لأن رفض احد الأطراف للحوار من أهم أسباب تعثر الأسر، وهنا يكمن الدور الحقيقي لمكاتب الإصلاح – افتراضا – وهو دعوة الطرف المتعنت وتجسير الحوار، فلابد من تفعيل استقبال الطلب الواحد لدعوة الطرف الثاني لأن المصلحة الفضلى للأسرة هي واجبا على جميع أفرادها ولا تقتصر على فرد دون الآخر.

رابعا :ـ إن الإصلاح الأسري في ظل الحياة المتطورة لا يكفيها كلمة التطييب من قبل طرف محايد ذو وقار ولا يكفي فيها الرجوع لقواعد الشرع - وإن كانت قواعد الشرع المقننة تفيد في حالة التوفيق إلى وثيقة نافذة فقط – فالإصلاح علم تطور وفي طريقه إلى مأسسة مهنية في الإقليم، والذي يقوم على تحديد دقيق لسبب المشكلة بين أي زوجين مع تحديد نوعها ودرجتها وتتبع أثرها من قبل مختصين وفق دراسة منهجية معمقة في التحليل العلمي والتطبيق، بما يتطلب أحيانا وضع برامج تعديل سلوكي لأحد الأطراف أوتنظيم جلسات حوارية بين الطرفين، وهذا يتطلب تكاتف في الجهود المؤسسية لفتح قنوات معالجة وضبط أسباب التفكك الأسري مع مؤسسات مساندة كدار ضيافة الطفل في اتحاد المرأة الأردنية وجمعية التدريب والإرشاد الأسري. إن مشروع الإصلاح الأسري من أوسع أبواب إنصاف النساء والأطفال وكبار السن في أسرهم، وهو من أولى المشاريع بالدعم المادي والمعنوي.

omantoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مكاتب الإصلاح الأسري بين الضرورة والتنفيذ مكاتب الإصلاح الأسري بين الضرورة والتنفيذ



GMT 11:11 2023 الجمعة ,18 آب / أغسطس

هل للطفل مطلق الحرية ؟

GMT 14:15 2023 الخميس ,20 تموز / يوليو

كلماتك الإيجابية أعظم أدواتك

GMT 14:03 2021 الأربعاء ,14 إبريل / نيسان

صندوق أسرار الزمن المعتّق

GMT 18:16 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

كوني أنت أمام الرجل

GMT 14:49 2021 الجمعة ,12 آذار/ مارس

رسالة إلى نساء الوطن العربي

GMT 19:27 2021 الثلاثاء ,09 آذار/ مارس

ليبيّات فبراير والصوت النسائي

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab