"إن المرأة العظيمة تُلهِمُ الرجل العظيم، أما المرأة الذكية فتثير اهتمامه، بينما نجد أن المرأة الجميلة، لا تحرك في الرجل أكثر من مجرد الشعور بالإعجاب، ولكن المرأة العطوف، المرأة الحنون، وحدها التي تفوز بالرجل العظيم في النهاية" _ شكسبير _.
أعجبتني مقولة شكسبير خصوصاً في مقطعها الأخير"المرأة العطوف، المرأة الحنون ....."، بصراحةٍ هو قد وصف المرأة الأم، بمعنى الوالدة، التي تلد العظماء وتنشأهم، والأُم: قد تكون الأخت أو الأبنة أو الزوجة، أو غير ذلك، وليس شرطاً أن تكون تلك المرأة التي خرج من رحمها...
جاء في الرواية أن النبي محمد(ص) كان يُكنّي ابنته فاطمة(ع) بـ(أُم أبيها)، فلقد أخذت دور أُمها خديجة(ع) بعد وفاتها، تلك المرأة العظيمة التي رافقت زوجها في السراء والضراء، فكانت لهُ زوجةً وأُماً، لا سيما وأنهُ(ص) فقد أُمهُ منذُ صباه، ولم يتمتع بالنظرِ إلى أبيه...
لذا يكون مصداق الحديث النبوي:(الجنة تحت أقدام الأُمهات)، بمعنى المرأة المربية الفاضلة، الصانعة للعظماء، الحنون، العطوف، .... لا المرأة التي(حَمَلَتْهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً) فقط، بل تلك المرأة التي سهرت عليه وأوصلته إلى مراتب الشرف، والفوز في الدنيا والآخرة، وكما قُلنا: قد تكون هي نفسها التي خرج من رحمها، أو الأخت أو الأبنة، أو الزوجة، أو غير ذلك...
بمناسبة عيد المرأة أحببتُ أن أُوضح بعض المعلومات المفيدة:
• تاريخ الاحتفال بعيد المرأة:
تُخبرنا كتب التاريخ عن مكانة المرأة واحترامها عند الشعوب القديمة، وعن الاحتفالات التي كانت تقام لتكريمها، فنرى من عبدها كـ(الإغريق)، الذين كانوا يهدون احتفالهم للإله الأم(ريا)، وعبد اليونانيين(كوبيلي)، وعبد أهل روما القديمة(سبيل)، والرومان(هيليريا)، وعرف المسيحيون الأوروبيون أحد الأمومة، وهو احتفال تكريمي لـ(السيدة العذراء)، حيث نجد أكثر العائلات تحتفظ بمنصة تكريسيّة لمريم العذراء، تقام الصلوات أمامها.
يرى الكثيرون بأن عيد الأم ابتداعٌ أميركي بامتياز، لاحت بوادره عام 1870م، على يد(جوليا وورد هاو)، والتي بائت جميع محاولاتها بفرض العيد بالفشل، إذ دعت لقيام عيد الأم من أجل السلام.
تدعي(أنا جارفيس) بعد قيامها بأول احتفاليّة بعيد الأم عام 1908م، كذكرى لوالدتها بأنها صاحبة الفكرة، وفي عام 1912 قامت بإنشاء الجمعية الدولية ليوم الأم، لكنها هوجمت لاحقاً لاعتبار أن احتفالها هذا ما هو إلا عملاً تجارياً لا أكثر، لترويجها بيع بطاقات المعايدة والزهور في هذا اليوم، لكنها نجحت في تحقيق مطلبها، حتى أقر الرئيس الأميركي(ويلسون) عيد الأم، على أنه عيدٌ رسمي وطني في أميركا، وأقر في قانون الكونجرس هذا العيد.
• تاريخ احتفال بعض البلدان بعيد الأم:
البلاد العربية 21 مارس.
النرويج ثاني أحد من شهر فبراير(شباط).
إنجلترا تحتفل بالعيد يوم الأحد الذي يوافق فترة نصف الصوم الكبير.
جنوب أفريقيا 1 مايو(أيار).
فرنسا والسويد الأحد الأخير من شهر مايو(أيار).
الأرجنتين ثاني أحد من شهر أكتوبر(تشرين أول).
أميركا واليابان ثاني أحد من شهر مايو(أيار).
ألمانيا استبدلت عيد الأم بـ(اليوم العالمي الاشتراكي للمرأة).
روسيا وأوكرانيا تحتفلان بالعيدين معاً.
• طريقة الاحتفال عند البلدان:
أكبر احتفال بعيد الأم ما زال يقام في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يقام فيه معرضا متجولا لرسومات الأطفال تحت اسم أمي، ينقل كل أربع سنوات لبلد مختلف، ليزور الكثير من الدول.
في فرنسا يكون العيد بمثابة احتفال بعيد الأسرة، وأثناء العشاء تقدم "كيكة" كاحتفال بالأم.
في السويد تقوم مؤسسة الصليب الأحمر السويدي ببيع الورود بمناسبة عيد الأسرة، يكون ريع هذه الورود للأمهات.
في إنجلترا يحتفل الناس بالعيد يوم الأحد، الذي يوافق فترة نصف الصوم الكبير، كنوع لتكريم الآلهة الرومانيّة سبيل، لكن الكنيسة قامت بتحويله لتبجيل السيدة مريم العذراء.
في البلاد العربية ، يُذكر أن مصر أول من احتفلت بعيد الأم، وكان ذلك من خلال مقال كتبه مؤسس جريدة الأخبار المصرية "علي أمين"، الذي طالب فيه أن يكون عيد الأم عيداً قومياً، واعتمد يوم الاعتدال الربيعي، الذي يصادف عيد رأس السنة عند الأقباط، وأيضاً عيد النيروز عند الأكراد.
بقي شيء...
يبقى عيد الأم من أرقى الأعياد، كما لكل بلدٍ عيدٌ وطنيٌّ تُقام فيه طقوسٌ احتفالية، فإن الأم: وطن الفرد، وسبب وجوده؛ لذا فهي تستحق كل التقدير والاحترام، ويجب الاحتفاء بها، وبذكراها(إن كانت مغيبة)، وترديد مآثرها، بكل حب وعلى الدوام، وهذا قطعاً ما يُسعدُ رُوحها، أينما كانت، سواء على الأرض أو في باطنها .