انعتاق من الإغلاق

انعتاق من الإغلاق

انعتاق من الإغلاق

 عمان اليوم -

انعتاق من الإغلاق

بكر عويضة
بقلم : بكر عويضة

واضح أن بشائر انعتاق من قيود إغلاق فرض فيروس كورونا على الناس في مختلف أنحاء الأرض التقيد بها طوال ما يتجاوز العام الكامل، بدأت تلوح في الأفق. أول من أمس (الاثنين)، عزز بوريس جونسون، رئيس حكومة بريطانيا، أمل وجود ضوء في نهاية نفق الحبس الذاتي داخل البيوت، بتأكيد المضي في تنفيذ خطة تخفيف القيود اعتباراً من الاثنين المقبل. هذا التأكيد يعني السماح لأماكن عدة أن تعيد فتح أبوابها كي يعود إليها الرواد المعتادون على قضاء أوقات فيها، كما هو الأمر مع نوادي التريض، وكذلك إعادة الحياة إلى مجالات تبادل الضيافة، واحتفاء البشر ببعضهم بعضاً، مثل المطاعم، والمقاهي، والمقاصف، التي كانت من أكثر القطاعات تضرراً، لما أصابها من مَوات، سواء في بريطانيا أو في معظم أنحاء العالم.
أنباء تسر، حقاً، والحق أيضاً أن انتظارها طال كثيراً، بعدما ألحق ذلك الفيروس من الأضرار بمئات ملايين البشر ما يفوق قدرة كثير من المجتمعات، في مقدمها الصناعية المتطورة، على التحمل، والأرجح أن يمضي مشوار زمني طويل، في مختبرات المعامل، وفي قاعات البحث العلمي، وفي مراكز التحليل النفساني، قبل أن يتضح جلياً عمق انعكاسات بالغة الضرر نشأت عن الاكتشاف «الفجائي» لفيروس كورونا، ثم ما ترتب عليه من إجراءات على صعيد إنساني عموماً، في مشارق الأرض ومغاربها. أعني قيود الإغلاق تحديداً، وليس ما تسبب به «كوفيد - 19» المرض من وفيات، فكل الأمراض الخطيرة تحصد أرواحاً بمئات الآلاف سنوياً، على الصعيد العالمي ككل، ومثلها الآتي عبر «كورونا»، إنما لم يأتِ أي من تلك الأسقام بمثل شرور هذا الفيروس، الذي أخذ هيئة شبح دخل بيوت الناس، ثم حلا له أن يقيم فيها، يتنقل من غرف النوم إلى قاعة الجلوس، يتسلق السلالم، يدخل الحمام، ربما يجلس القرفصاء فوق رخام العمل في المطبخ، يتصيد ضحاياه، أو على سطح المكتب، بعدما كُتِب على أغلب البشر ممارسة العمل من المنزل، حتى لو هو كُرهٌ لهم، إنما فيه خير اتقاء العدوى، وإذ ذاك هو الحال، كثر الاحتكاك بين أزواج ربما لم يعرف الخصام الطريق إلى حياتهم الزوجية من قبل، وتزايد الشجار بين آباء وأمهات، وأبناء وبنات، نتيجة المنع من الخروج في المساء تحديداً، أو فرض حظر تجول رسمي خلال يومي عطلة نهاية الأسبوع في بعض الدول. الأرجح أن يثبت المقبل من الدراسات أن كل هذا الضرر النفساني الذي وقع، سوف يكون أكثر خطراً، وأوقع تأثيراً على النسيج المجتمعي لشعوب عدة، في مقدمها، تكراراً، مجتمعات الدول الصناعية المتطورة، قبل غيرها.
إضافة إلى ما سبق، هناك، كما أشار كتاب وكاتبات أفاضل كُثر من قبلي، الجانب المتعلق بالمعارك الدائرة في شأن اللقاحات. هي معارك تدور رحاها، أيضاَ، بين حكومات دول العالم الصناعي المتقدم، فيما شعوب المجتمعات الأقل حظاً في الثروة، إذا توفر القليل منها لديهم، يراقبون ما يجري عن بعد، ويترقبون يومَ يُنظر إليهم كبشر، إذا لم يجر تحصينهم ضد الفيروس ذاته، فإن التطعيم الانتقائي لن يفيد في تحصين بقية المجتمعات ضد مرض «كوفيد - 19». الحكماء وذوو العقل الراجح في أروقة الحكم بدول العالم الصناعي يعرفون ذلك جيداً، بينهم من امتلك جرأة الجهر بالرأي السديد، في هذا الصدد على وجه التحديد. إنما يبقى أن تأثير هؤلاء محدود جداً، عندما يتعلق الأمر باتخاذ القرار ثم التنفيذ. من جهتها، تبذل منظمة الصحة العالمية الكثير من الجهد، وبشكل لا يخلو من إلحاح، بقصد التنبيه لخطورة تجاهل خطر عدم وصول اللقاحات إلى الدول الفقيرة، أو النامية وغير القادرة على تسديد فواتير شراء اللقاح من العالم الصناعي.
خلال أكثر من حوار جرى أخيراً في عدد من المنصات الإعلامية في بريطانيا، تردد الكلام عن ضرورة الاستعداد، وتهيئة الناس، لبدء التعايش مع فيروس كورونا، كما تعايشوا من قبل، وما زالوا يتعايشون، مع فيروسات سبقته، ونتجت عنها أمراض أمكن العيش معها، مثل «الإنفلونزا» بأشكالها المختلفة. شخصيات معتبرة في المجتمع البريطاني أبدت آراء مشابهة، بينها سير باتريك فالانس، كبير مستشاري الحكومة العلميين. حسناً، أما كان هكذا اكتشاف ممكناً، قبل ستة أو تسعة أشهر، مثلاً، قبل أن يصيب كل هذا الأذى الناس في مختلف أنحاء العالم، وعلى كل المستويات، خصوصاً منها النفساني؟ لستُ أدري.

omantoday

GMT 14:53 2021 الأربعاء ,19 أيار / مايو

أخبار عن مجموعة الدول السبع وروسيا وأفغانستان

GMT 07:50 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

ابنة الزمّار وحسناء الزمان

GMT 07:49 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

القضايا من دون معانيها

GMT 07:43 2021 الخميس ,08 إبريل / نيسان

موكب جميل يواجه ثقافة الإلغاء!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انعتاق من الإغلاق انعتاق من الإغلاق



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab