رويدك مستر سوناك

رويدك... مستر سوناك

رويدك... مستر سوناك

 عمان اليوم -

رويدك مستر سوناك

بقلم:بكر عويضة

يطرق دوي قنابل قاذفات حمم «جيش الدفاع الإسرائيلي» سمعي آتياً عبر آلاف الأميال، كما نعيق غربان الموت، ناهضاً من ركام ما تبقى من قطاع غزة المدمّر تدميراً فاق كل تصور مُسبق. مع ذلك، تسمع وتشاهد وتقرأ ما خلاصته أن الذي سينتج عن الاقتحام البري، وبدء القصف من البر والبحر، إضافة إلى الجحيم النازل من الجو، عقاب للذين آثروا البقاء في مدينة غزة، على الرحيل منها جنوباً إلى رفح وخان يونس، هو الأعظم الذي لم يزل في رحم المجهول. فجأة، وسط كل هذا الهول، يتراءى أمامي عنوان يزعق ضاحكاً: «حلمك يا شيخ علام»، وتطل من ذاكرة ثمانينات القرن الماضي الكوميديا المصرية التي ذاع صيتها، وصيت بطلها الممثل الكبير أمين الهنيدي، عبر الآفاق العربية من المحيط إلى الخليج.

صرفتُ مجرد التفكير في تلك المسرحية جانباً، فما هذا وقت ضحك، لكنني فشلت في عدم استنساخ نداء «حلمك يا شيخ علام» الضاحك بنداء مشابه من عندي، يستصرخ سيد المنزل رقم 10 في «داوننغ ستريت» فينادي أنْ «رويدك مستر سوناك». تمهل سيدي قليلاً، في الاندفاع المرتعش خوفاً على مصير إسرائيل.

مبعث ذلك أنني كنت أتابع ردود فعل متباينة إزاء التشدد الواضح الذي يبديه كل من ريشي سوناك، ووزيرة الداخلية في حكومته، السيدة سويلا بريفرمان، تجاه أي نوع من التعاطف مع المدنيين العزل في قطاع غزة، ضحايا قصف الطائرات، الذين ليس لهم أي دور في أي أمر يتعلق بما جرى من أحداث منذ مساء السابع من هذا الشهر.

حقاً، وليس هزءاً، لا تخش مستر سوناك على أمن إسرائيل، اطمئن فهي قادرة على العيش بقوة السلاح، إنما بات من المؤكد أن أغلب ساستها غير راغبين في التعايش بسلام، تحديداً مع الذين قامت دولتهم فوق أرضهم، والأرجح أنها ستنجب مزيداً من أمهر الطيارين في قصف الفلسطينيين. مع ذلك، لعل من المفيد تذكيرك، مستر سوناك، وآخرين معك، أن فلسطين ستعيش هي أيضاً، وتلد أجيالاً من أطفالها الذين نجوا من حقد بنيامين نتنياهو، فتجدهم ناقمين عليها، تمتلئ صدورهم بغضب دفين، سوف ينفجر كذلك ذات يوم، فتنتعش دوامة العنف والقتل والحقد على الضفتين معاً.

ليس الهدف من نداء التمهل الموجه إلى رئيس حكومة بريطانيا أي اعتراض على أي إجراء يقدم عليه بغرض حماية أمن بريطانيا، وضمان سلامة مواطنيها، إنما القصد أن تراعي الحكومة تقاليد بريطانية جرت مراعاتها خلال ظروف كانت أسوأ تعقيداً من الظرف الحالي بكثير.

أعني بشكل خاص تقاليد الحرص البريطاني على عدم المساس بمبدأ حرية التعبير، حتى لو حصل تعارض بين ذلك المبدأ وبعض متطلبات الأمن الداخلي. في هذا السياق، يمكن تفهم رفض ريشي سوناك ما يرى فيه نوعاً من تبجيل الإرهاب «GLORIFYING»، أو الاحتفال بأي تنظيم يمارسه. إنما ثمة مشكل هنا يكمن في تعريف معنى «التبجيل»، ثم أين ومتى يمكن القول إنه مورس بالفعل. مثلاً؛ هل يكفي أن يدان شاب أو فتاة لمجرد رفع لافتة تقول «الحرية لفلسطين»، هل هذه العبارة تعني تبجيل حركة «حماس»، أو الاحتفال بممارساتها؟ بالتأكيد كلا، وربما من المؤكد أن السيد سوناك اطلع على نداء الأسقف روان ويليامز، أسقف كانتربيري السابق، الموجه إلى إسرائيل، والذي تصدر الصفحة الأولى لصحيفة «ديلي إكسبريس» السبت الماضي، وتضمن ما يلي: «أعطوا الأبرياء فرصة الحياة، خطايا حماس ليست من صنع أهل قطاع غزة». ألا يكفي ذلك للفصل بين الخوف على مصير إسرائيل وحماية حرية التعبير في ديار أم الديمقراطيات؟ بلى، ولذا... رويدك مستر سوناك.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رويدك مستر سوناك رويدك مستر سوناك



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:01 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعة 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الاسد

GMT 21:16 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab