من فضلكم دعوا قطاع غزة يتنفس

من فضلكم.. دعوا قطاع غزة يتنفس!

من فضلكم.. دعوا قطاع غزة يتنفس!

 عمان اليوم -

من فضلكم دعوا قطاع غزة يتنفس

بكر عويضة

قدر مدن أو أقاليم ومناطق بأكملها، ألا يطول غيابها عن رادارات الأخبار. ليس المقصود هنا الخبر العادي، بل الساخن، وفي بعض الأحيان الملتهب، بفعل استمرار صراع لا يلوح حل له في أفق قريب. قطاع غزة يشكل إحدى تلك النقاط الساخنة. قبل بضعة أيام (الأربعاء 12 الحالي) طلع علينا أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الإسرائيلي، داعيا إلى «إعادة احتلال» القطاع ردا على صواريخ حركة الجهاد الإسلامي. ليبرمان قال عبر قناة التلفزيون الإسرائيلي الثانية: «بعد هجوم كهذا، لا يوجد بديل عن إعادة احتلال كل قطاع غزة بشكل كامل». ليست هذه أول مرة «يجعجع» فيها مسؤول إسرائيلي بتهديد «إعادة الاحتلال»، إنما ثمة سؤال من واجب القيادات الفلسطينية أن تجيب عنه: هل إن ما قال ليبرمان هو مجرد «جعجعة» بلا طحن؟ الإجابة بـ«نعم» هي الأسهل لكثيرين. الخيار الأصعب هو الأخذ بعين الاعتبار تصاعد أجواء التوتر الدولي، خصوصا بعد ضم روسيا رسميا القرم، وقد يكون إطلاق صواريخ سرايا القدس الذريعة التي تنتظرها تل أبيب لتثبت هذه المرة أن تهديد ليبرمان يتجاوز غرض الاستهلاك المحلي. إن نظرة فاحصة لواقع ما يجري على الأرض في سوريا، وارتداداته في لبنان والعراق والأردن، إضافة إلى الانشغال بالشأن الداخلي في مصر، والآن تصاعد التوتر الروسي – الغربي، واحتمال انتقال الأزمة من الحلبة السياسية إلى المواجهة العسكرية بدءا بشرق أوكرانيا، هكذا نظرة سترجح كفة أن الظرف العالمي يتيح لإسرائيل، إن أرادت، إعادة احتلال أرض فلسطينية انسحبت منها صيف عام 2005، وإذا حصل هذا، فالأرجح ألا يتجاوز رد الفعل استنكارا هنا وإدانة هناك، إنما الأشد إيلاما هو القول بصراحة، ومن دون مواربة، إن الطرف الفلسطيني باختلاف فصائله فشل في الحفاظ على ما تحقق من استقلال، ولم يعرف كيف يبني فوق الأرض على ما حصل عليه منها، ثم يواصل الجهد بغرض تحقيق الأفضل. على النقيض من ذلك، وجهت زعامات الفلسطينيين دعوة مجانية للعالم كي يتفرج على سخف خناقات بينهم بدأت بالخلاف على حقائب وحصص وزارية، ومسؤوليات أمنية، ثم سرعان ما تطورت صيف 2006، بعد عام واحد من انسحاب إسرائيل من قطاع غزة، إلى تصفيات بالرصاص، ومطاردات حتى أسطح الأبراج. لقد صدق الشباب أنهم صاروا دولة، فصار ضرب أعناق بعضهم البعض هينا إزاء إحكام القبضة عليها. الواقع أن تصديق وهم الدولة، وما تبعه من شيوع فساد إداري وتسيب مالي، وبهرجة في المظاهر كانت تثير العجب، يسبق عام 2006 بأعوام تعود إلى بدايات عودة السلطة الفلسطينية من تونس إلى القطاع. أمامي الآن، إذ أكتب هذه المقالة، نسخة من الصفحة الأولى لعدد جريدة «الشرق الأوسط» رقم 6549 الصادر بتاريخ السبت الموافق 2 نوفمبر (تشرين الثاني) سنة 1996 بصورة تتصدر الصفحة لطفل يبدو كأنه من ضحايا المجاعة في القرن الأفريقي، لكن التعليق تحتها يقول إنه من غزة، وإن وزنه يقل عن الوزن الطبيعي لعمره (11 شهرا) بثلاثة كيلوغرامات. تلك واحدة من صور صاحبت سلسلة تحقيقات أجريتها خلال مهمة صحافية، حمل أحدها العنوان التالي: «أطفال يعيشون على الخبز والشاي.. وأمراض سوء التغذية تفترس حديثي الولادة»، وجاء في عنوان تحقيق آخر: «شبان يتسولون فرصة عمل.. والاكتئاب ينتشر مثل الزكام». صحيح أن جانبا أساسيا من أسباب ذلك الوضع المتردي كان عائدا آنذاك لإغلاق إسرائيل المعابر أمام عمال غزة. لكن، في الآن نفسه، صحيح أيضا أن حال كثير من المسؤولين الفلسطينيين العائدين للتو من تونس إلى القطاع كان يشير، مذ ذلك الوقت المبكر، إلى أن تمدد حزام الفقر بين عوام الناس، يقابله تزايد حالات ثراء مفاجئ وغير عادي بين أقلية محسوبة على الدوائر الحاكمة. من الواضح أن قطاع غزة يدفع ثمن خلل سياسات من تولوا أمره منذ اتفاق أوسلو وحتى يومنا هذا، سواء على مستوى تسيير شؤونه، أو على صعيد إدارة علاقاته مع محيطه الجغرافي. لكن إلى متى؟ أما آن لهذا الشريط المختنق بأكثر من مليون ونصف المليون نسمة في مساحة تضيق بربع هذا العدد، والواقع على ساحل المتوسط، شماله مدخل إلى مصر عبر صحراء سيناء، ومن شرقه يتفرع طريق يوصل لبئر السبع عاصمة النقب، وعند بوابة جنوبه ينتصب معبر إريتز (الأرض) أول الطريق إلى إسرائيل، أما آن أوان أن يتنفس أهله مثل غيرهم من الناس، أم أن قدرهم أن تظل الأنفاس، جيلا بعد جيل، رهن من بأيديهم الحل والربط، بعضهم ضاغط بالأصابع على متفجرات وصواعق بطاريات صواريخ، وغيرهم ممسك بقرارات فتح وإغلاق معابر، وآخرون بالغرق في مفاوضات تتعلق بكيفية التوصل إلى إطار للمفاوضات. ما هذا؟ من يحاول بيع ماذا لمن؟ نظريا، السوق مفتوحة والزبون دائما على حق. لكن معظم ناس هذا الجزء من العالم ملوا كل التجار وقرفوا من بضاعة الزيف كافة، لأن حقهم واضح وبسيط: هو الحق في حياة كريمة مثل غيرهم من البشر، على الأقل كما ربع حق جيرانهم في مستوطنة غوش قطيف، حيث تهدر الكهرباء والماء بلا انقطاع فيما يغرق في العطش والظلمة معظم القطاع. أعرف أنها صرخة في واد سحيق، قال بها آخرون من قبلي، لكني سأكررها لكل الأطراف، وفي مقدمهم أولئك المتناحرون من زعماء الفلسطينيين أنفسهم: من فضلكم، دعوا قطاع غزة يتنفس. وما ينطبق على القطاع يشمل مدن فلسطين وقراها كافة حتى يتحقق حلم دولة مستقلة طال انتظارها جيلا بعد جيل.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من فضلكم دعوا قطاع غزة يتنفس من فضلكم دعوا قطاع غزة يتنفس



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab