خطف المستوطنين هدفه نسف مصالحة الفلسطينيين

خطف المستوطنين هدفه نسف مصالحة الفلسطينيين

خطف المستوطنين هدفه نسف مصالحة الفلسطينيين

 عمان اليوم -

خطف المستوطنين هدفه نسف مصالحة الفلسطينيين

بكر عويضة

 رغم صعوبة تقبل أي عاقل لاحتمال إقدام حركة حماس على خطف ثلاثة مستوطنين، بعد أقل من شهرين على توقيع اتفاق غزة مع حركة فتح، فإن قفل الطريق أمام استغلال بنيامين نتنياهو للحادث كي يفجّر المصالحة الفلسطينية، مسؤولية أكثر صعوبة تواجه كلا من حركة حماس، وحركة فتح، والسلطة الفلسطينية. واضح للجميع أن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يخفِ رفضه لأي مصالحة فلسطينية من قبل أن تتم، بل كان يطلق صيحات التحذير من «مغبة» التوصل لأي تفاهم بين حركتي فتح وحماس طوال جولات الحوار التي تواصلت بضع سنوات حتى أوصلت لاتفاق غزة في الثالث والعشرين من أبريل (نيسان) الماضي.
أكثر من ذلك، انتهت كل محاولات نتنياهو للحيلولة دون ترحيب المجتمع الدولي بالمصالحة الفلسطينية إلى فشل ذريع، بل جاءت ردود الفعل مشجعة وإيجابية، كما في قول كاثرين آشتون، مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن «المصالحة الفلسطينية تواجه الكثير من التحديات والعقبات، ولكنها أيضا تخلق فرصا جديدة لعملية السلام وللتجديد الديمقراطي وللشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية».
واجه نتنياهو الفشل أيضا حين قوبلت دعوته الصريحة لحكومات الدول الكبرى لعدم الاعتراف بحكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية بعكس ما طالب به، فخاطب واشنطن عبر تصريح لوكالة «أسوشييتد برس» قائلا: «أشعر بقلق بالغ إزاء إعلان الولايات المتحدة عن استعدادها للتعاون مع حكومة تدعمها حماس». والأرجح أن محاولة وزير الخارجية الأميركي جون كيري طمأنة نتنياهو حين أكد أن الإدارة الأميركية ستتعامل مع حكومة رام الله «بالقدر المناسب والضروري»، مضيفا: «سنراقب أداء الحكومة الفلسطينية الجديدة عن كثب كما قلنا منذ البداية لضمان التزامها كل ما تعهدت به، وكي لا تتجاوز الحدود». الأرجح أن ذلك كله لن ينفع في إنهاء «مخاوف» رئيس حكومة تل أبيب، ومن ثم إقناع السيد نتنياهو بإعطاء فرصة لحكومة تكنوقراط فلسطينية مستعدة لمواصلة التفاوض مع إسرائيل على أساس احترام كل التزامات السلطة الفلسطينية تجاه عملية السلام.
لماذا الرفض؟ فقط لأنها حكومة تشكلت نتيجة اتفاق مصالحة فلسطينية. من هنا، بقدر ما يبدو منافيًا لأي منطق إقدام أي طرف فلسطيني على أي تصرف من شأنه تفجير اتفاق غزة، كما في خطف المستوطنين الثلاثة قرب مدينة الخليل، فإن موقف نتنياهو المتسم بعصبية واضحة لمعظم المراقبين، ليس فقط إزاء المصالحة، بل حتى في التعامل مع السلطة الفلسطينية كجسم رسمي يمثل الفلسطينيين، هذا الموقف يعيد للذاكرة تصرفاته هو كسياسي مع القيادات الفلسطينية منذ زمن الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهي تصرفات أبانت في أغلب الحالات عن رفض متأصل عنده لأي تعامل جدي مع أي زعامة فلسطينية جادة في السعي للسلام، وهو ما يشي بأن الرجل ليس في وارد الوصول إلى أي اتفاق سلام مع أي حكومة فلسطينية، وإلا فكيف يمكن فهم تشكيل حكومته فريقًا للنظر في «سبل التعامل مع الأوضاع الراهنة استعدادًا لتحولات سياسية وأمنية تطرأ مستقبلًا»، ردا على تشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية مطلع هذا الشهر؟ تكرارًا، هي حكومة خدمات مشكلة من مهنيين تكنوقراط، ومهمتها الأساسية توحيد مؤسسات المجتمع الفلسطيني، ثم هي ليست تضم وزيرًا من حماس يحمل مسؤوليات أمنية. ما معنى تشكيل ذلك الفريق إذن؟ إنه إجراء يتوقع مسبقًا حصول «تحولات سياسية وأمنية». حسنًا، ها هو شيء ما يقع على قارعة طريق، إذ يلوّح ثلاثة من شبان المستوطنين بأيديهم طالبين «توصيلة»، فتقف لهم سيارة ما، ليختفوا بعدها، ويصبحوا حالة خطف توجب ردًا عسكريًا من جانب تل أبيب.
لمن تلك السيارة التي تطوعت بتوصيل المستوطنين الثلاثة؟ أيعقل أن تكون «حمساوية»؟ ربّ قائل: لِمَ لا؟ فما يجري على مستوى القرار داخل حماس الغزاوية مختلف عما يقابله في الضفة الغربية، ثم.. أليست الخطوط متشابكة في العلاقة ما بين حماس الداخل والخارج، وبينها خط ما يزال يرفض أي تفاهم مع سلطة رام الله طالما أنها مستمرة في الاعتراف بدولة إسرائيل، فما الذي يمنع أن يكون هذا الطرف وراء عملية الخطف؟ في سياق التحليل الافتراضي، ذلك احتمال ممكن، ومن هنا، القول إن قطع الطريق على أي تصعيد من جانب نتنياهو في استغلال حادث الخطف يضع المسؤولية الكبرى على عاتق حركة حماس، إنْ كان لأي جناح فيها دور فيما حصل. لكن، في السياق الافتراضي ذاته، أليس محتملًا وجود اختراق ما وفر فرصة «توصيلة» الشبان كي تفر بهم السيارة، لكي تنشأ «حالة أمنية» توجب رد فعل من جانب نتنياهو؟ وهل كون الشبان المختطفين من سكان مستوطنة قرب الخليل هو محض مصادفة؟ ليس واضحًا حتى اللحظة إلى أين ستنتهي القصة، هل هي حالة جلعاد شاليط مضروبة بثلاثة مخطوفين بدل واحد فقط؟ وهل يكون هدف ضرب الرد الإسرائيلي الغاضب محصورًا بتفجير اتفاق المصالحة الفلسطينية وحكومته؟ تلك أسئلة تنتظر إجاباتها، لكن ما ليس بحاجة إلى توضيح هو، ببساطة، أن طريق السلام الإسرائيلي - الفلسطيني، وأيضا الطريق أمام الصلح الفلسطيني - الفلسطيني، كلاهما ما يزال مزروعًا بألغام كثيرة قابلة للاشتعال في أي لحظة، فقط تنتظر من يفجرها، وهؤلاء موجودون في أكثر من معسكر، ودائما جاهزون.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطف المستوطنين هدفه نسف مصالحة الفلسطينيين خطف المستوطنين هدفه نسف مصالحة الفلسطينيين



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab