محمد سلماوي
واقعة غريبة للغاية حدثت مع رئيس بعثة الاتحاد الأوروبى لمراقبة الانتخابات الرئاسية، ماريو ديفيد، فقد أجرت معه قناة «فرنسا 24» لقاءً أمام إحدى اللجان الانتخابية للرجال فى الزمالك، فوقف ينتقد غياب النساء عن اللجنة، وعن غياب دور المرأة فى مصر وعزوفها عن المشاركة السياسية، وقال الرجل بكل ثقة وهو يشير إلى الطابور: أين النساء؟ ليست هناك امرأة واحدة فى الطابور! ثم أضاف: ربما سيأتين فيما بعد.
وهنا قامت مندوبة القناة الفرنسية بلفت نظره إلى أن لجان الرجال والنساء فى مصر منفصلة، فارتبك الرجل وطلب منها حذف ملاحظته من الحديث، فماذا يعنى هذا؟ أولاً يعنى أن رئيس البعثة الأوروبية لم يدرس طبيعة الموضوع الذى هو بصدده وحقائقه الأساسية قبل أن يقوم بمراقبته وتقييمه وكتابة تقرير عنه، ثم يعنى أيضاً أنه جاء متحفزاً يبحث عن السلبيات ويشير إليها أمام كاميرات التليفزيون وليست تلك شيمة القاضى العادل.
هى سقطة فاضحة لاشك فيها ولا تماثلها إلا ملاحظة أخرى جاءت فى تقرير الاتحاد الأوروبى ونقلتها عضوات بعثة المراقبة إلى المؤتمر الذى أقامه المجلس القومى للمرأة يوم السبت الماضى والتى أدت إلى طردهن من القاعة، ذلك أنه ورد ضمن الانتقادات المختلفة التى وضعوها فى التقرير أن السيدات تعرضن للتحرش أثناء إدلائهن بأصواتهن، وهى ملاحظة تنم هى الأخرى عن أن الجهل بالعملية الانتخابية لم يكن حكراً على رئيس اللجنة وحده، وإنما امتد ليشمل عضوات اللجنة أيضاً اللاتى لم يدركن أن تحرش الرجال بالنساء غير ممكن فى لجان لا يتواجد بها إلا النساء.
وكأن أصدقاءنا فى الغرب لم يحتملوا تعبير الشعب المصرى عن إرادته الحرة فى اختيار حكامه وهو حق طالما طالبونا به باعتباره حقاً أساسياً من حقوق الإنسان، فضمنوا تقريرهم عن انتخابات الرئاسة مجموعة من الانتقادات المختلفة التى تلقى بظلال من الشك على مصداقية كل ما جاء بالتقرير.
لقد بدا تقرير الاتحاد الأوروبى بمثل هذه الأخطاء الفادحة كأنه قد تم وضعه بواسطة مجموعة من السياح الذين لا يعرفون شيئاً عن مصر، وليس بواسطة بعثة متخصصة يفترض أن تكون قد درست أوضاع الانتخابات التى جاءت لمراقبتها وعرفت خصائصها وما يميزها.
فهل هؤلاء هم الذين نهتم كل هذا الاهتمام برأيهم فينا ونستمد منهم شرعية ما نفعله؟ إن الشعب المصرى يقوم الآن ببناء نظامه الديمقراطى الجديد ولا قيمة فى ذلك لما قد يقوله عنا الغرب بالسلب أو بالإيجاب.