محمد سلماوي
من العاصمة الباكستانية إسلام أباد التى أمضيت فيها الأيام الأربعة الأخيرة مشاركاً فى مؤتمر لاتحاد كتاب أفريقيا وآسيا، تابعت مراسم حلف اليمين للوزارة الجديدة والتى اختار لها الرئيس عبدالفتاح السيسى أن تجرى فى السابعة صباحاً، وهو ما لم يحدث فى تاريخ الوزارات من قبل، فالوزراء عادة ما يبدأون عملهم فى العاشرة بعد أن يكون بقية العاملين بالوزارة قد وصلوا لمكاتبهم، والوزارات السابقة كثيراً ما حلفت اليمين بعد الظهر.
لذلك ففى اختيار هذا الموعد رسالة واضحة لا تحتاج لتفسير، وهى أن العمل فى البلاد من الآن فصاعداً سيبدأ فى الساعات الأولى من النهار، ومن حسن حظ الوزراء أن رئيس الجمهورية منحهم فترة سماح ساعتين كاملتين، حيث كان قد أعلن فى أحد خطاباته قبل الترشح أنه سيجعل البلد يصحو للعمل فى الخامسة صباحاً.
إنه الانضباط الذى أصبحنا نفتقده فى جميع مناحى حياتنا أكثر من أى وقت مضى، فى الشوارع كما فى دواوين الحكومة، وقد شاهدنا فى الأيام الأخيرة تلك الحملة التى أفرغت شوارع وسط العاصمة من الباعة الذين احتلوا الشوارع والأرصفة، وكأننا فى دولة بلا حكومة ولا قانون، ولم يكن من الممكن لوزارة متسيبة أن تفرض عليهم الالتزام بالنظام، فقط الوزارة التى نزل رئيسها إلى الشوارع ليتابع العمل استطاعت أن تفرغ الشوارع من هذا التكدس المخالف للقانون، وتفسح الطريق للسيارات وللمارة معاً.
وأمس الأول بدأت الوزارة الجديدة أول عمل لها وهو حلف اليمين فى السابعة صباحاً فى إشارة لها دلالاتها التى أتمنى ألا تغيب عن الوزراء الجدد الذين جاءوا فى عصر لم تعد فيه الوزارة وجاهة وإنما ساعات متواصلة من العمل الشاق.
إن الناس تنتظر الكثير من هذه الوزارة، بل تكاد تنتظر المستحيل، وأى تخاذل أو تقصير فى العمل الحكومى سيؤدى إلى ردود أفعال سريعة من جانب الشعب المصرى الذى تعود النزول إلى الشارع كلما كانت له مطالب، وقد كان هذا فى حد ذاته دليلاً على فشل السلطة التنفيذية طوال السنوات الماضية فى الاستجابة لمطالب الجماهير بالطرق المؤسسية المعروفة.
إننا نبدأ اليوم مرحلة جديدة فى حياة البلاد هى مرحلة البناء التى طال انتظارها، وهى مرحلة تتطلب العمل الشاق والمتواصل، فنحن فى صراع مع الزمن والتدهور الذى طال كل مناحى حياتنا، وستزداد حدته ما لم يتم وقف نموه بالعمل وبالبناء، وفى ذلك فإننا نحتاج لكل ساعة من ساعات النهار.
من حسن حظى أن هناك فرق توقيت بين القاهرة وإسلام أباد ساعتين، أى أننى تمكنت من متابعة مراسم حلف اليمين فى التاسعة صباحاً بدلاً من السابعة، لكن هذا الفرق فى التوقيت لن يتمتع به وزراؤنا الجدد، فالله معهم.