«دين الدولة» فى الدساتير 22

«دين الدولة» فى الدساتير (2-2)

«دين الدولة» فى الدساتير (2-2)

 عمان اليوم -

«دين الدولة» فى الدساتير 22

عمار علي حسن

ما جرى من محاولات لتحديد دين للدولة أو وضع الدين ضمن الإطار العام الذى يحكم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية فى دساتير مصر، والتى أوردته نصاً فى مقال الأمس، يشى بعدة ملاحظات يمكن ذكرها على النحو التالى: 1- استمرت عملية تحديد دين للدولة محل شد وجذب، لتعكس جانباً مهماً من الصراع المدنى الدينى فى المجتمع المصرى من ناحية، ومدى توظيف الإسلام فى كسب الشرعية من ناحية أخرى، أو خطب ود الجماعات الدينية المسيسة، أو الساعية إلى السلطة، أو استعمالها فى تعبئة الشعب حول توجهات السلطة، مثلما استغل السادات المادة الخاصة بتطبيق الشريعة فى تمرير مادة أخرى حوّلت بقاء الرئيس فى السلطة من «مدتين» إلى مدد، وجاراه الإخوان والسلفيون فى هذا.2- ظلت هذه المسألة محل اعتراض من مفكرين وساسة مدنيين احتجوا على ذلك بأن الدين مسألة تخص الأفراد، أما الدول فلا دين لها، لأنها لا تُحشر فى الآخرة، ولا تحاسب أمام الله سبحانه وتعالى، وأن أى تذرع بأن الدولة شخصية اعتبارية لتقبل فكرة أن يكون لهذه الشخصية دين هو واه، ولا يمكنه أن يقيم حجة أو برهاناً، وليس إلا طريقة للتلاعب بمشاعر الجماهير، واستغلال تدينها فى تعبئتها حول المشروع السياسى للجماعات الدينية الساعية إلى تحصيل الحكم.3- تدخلت الدولة بغية التخفيف من غلواء استغلال الجماعات الدينية ذات المشروع السياسى عبر إسناد تطبيق «مبادئ الشريعة كمصدر أساسى للتشريع» إلى المشرعين أنفسهم، بحيث يضعون هم القوانين التى يمكن أن تعبر عن تجلى قيم الشرع وروحه وتصوراته العامة فى التشريع، وهى مسألة حاول الإخوان والسلفيون الالتفاف عليها وقت صناعة دستور 2012 حين أرادوا أولاً، وبشكل سافر، أن ينصوا على تفسير للشريعة وتحديد لها بأنها «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية، وقواعدها الأصولية والفقهية، ومصادرها المعتبرة فى مذاهب أهل السنة والجماعة».لكن ضغط القوى المدنية جعلهم يتراجعون إلى الحيلة بالنص فى المادة الثالثة على أخذ رأى هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف فى الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية، مطمئنين إلى انتشار مناصرى آرائهم بين علماء الأزهر، أو إلى السيطرة عليه فى المستقبل جامعاً وجامعة ومعنى وفقها ورمزاً. لكن الدولة عادت مرة أخرى لتعيد الأمر إلى نصابه بالتعديلات التى دخلت على هذا الدستور عقب الإطاحة بحكم الإخوان.4- رغم كل ما نصت عليه دساتير مصر من جعل الدين أحد الأطر الأساسية للسياسات العامة، وضمان عدم تعارض التشريعات والقوانين مع الشريعة، وتطبيق كل ما ورد فى القرآن من تشريعات، مع استبدال الحدود بعقوبات أخرى، فإن أتباع التيار الدينى الساعى إلى السلطة ظلوا طيلة الوقت يعبئون الناس حول مطلب تطبيق الشريعة، ويثيرون سخط قطاع منهم على السلطة بدعوى أنها تحارب الدين، ويرفعون فى هذا شعارات من قبيل «الإسلام هو الحل» و«القرآن دستورنا» و«قادم قادم يا إسلام»، وفى ركاب ثورة يناير استبدلوا هتاف الميادين الذى كان يصرخ «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية.. كرامة إنسانية» بـ«الشعب يريد تطبيق شرع الله»، وكأن الشريعة كانت غائبة عن حياة المصريين.5- لا تنشغل الجماعات والتنظيمات الدينية المسيسة بالانتهاك المستمر للدستور فى أغلب مواده، خاصة باب الحريات العامة والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وكل ما يعنيها طيلة الوقت هو نسبة وحجم ومقدار ومدى تطبيق مادة الشريعة، رغم أن هذه الجماعات مختلفة فيما بينها عن تحديد ماهية الشريعة أصلاً.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«دين الدولة» فى الدساتير 22 «دين الدولة» فى الدساتير 22



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab