الصورة الأخيرة 33

الصورة الأخيرة (3-3)

الصورة الأخيرة (3-3)

 عمان اليوم -

الصورة الأخيرة 33

عمار علي حسن

من دون شك، فإن الصورة الأخيرة للمفكر الكبير الدكتور عبدالوهاب المسيرى، عززت الصورة الذهنية الإيجابية عنه، التى قامت على أكتاف كتبه العديدة، وفى مطلعها موسوعته الخالدة «اليهود واليهودية والصهيونية». فـ«المسيرى» كمفكر كان محل إعجاب شديد، لكنه آثر فى نهاية حياته أن ينزل إلى الشارع، ويهجر غرفة مكتبه التى شهدت ميلاد الأفكار وإعداد الأبحاث المطولة، ليشارك المصريين احتجاجهم على أداء السلطة، ومطالبتهم بالإصلاح. وبنزوله هذا حقق «المسيرى» نظرية «المثقف العضوى» التى وضعها المفكر الإيطالى أنطونيو جرامشى، التى تنتصر للمثقفين الذين لا يكتفون بإنتاج الأفكار، بل ينخرطون مع الجماعة فى سبيل نقل هذه الأفكار من بطون الكتب إلى رحاب الواقع.

وقرار «المسيرى» المشاركة فى الاحتجاج من خلال قبوله قيادة حركة «كفاية» لمدة عام تقريباً هو الذى أدى إلى ظهور الصورة الأخيرة فى حياته، وكانت مؤثرة فى نفوس وعقول كثيرين. فقد بدا الرجل الذى هده مرض عضال وهو يكاد يسقط على وجهه، بينما كانت مجموعة من رجال الشرطة ترتدى الزى المدنى يدفعونه إلى الأمام، وأنصاره ومحبوه يدفعون أيدى الشرطة عنه، ويحمونه بأيديهم فى الوقت نفسه.

كان «المسيرى» مقوس الظهر، و«بذلته» متهدلة، ونظارته متدلية عن مكانها قليلاً، وشعره مهوشاً، وملامحه يكسوها الأسى، لكنه بدا عازماً على التمسك بموقعه داخل المظاهرة المحدودة. وتوالت الصور، التى تم التعبير عنها كلامياً، لكن أحداً لم يرها، ومن بينها خطفه وزوجته وإلقاؤهما فى عمق الصحراء، عقب مظاهرة شاركا فيها، لكن الكلام أكد الصورة الأخيرة، التى رافقت خبر وفاة «المسيرى»، وأسهمت فى انتشاره على نطاق واسع، وفى إطلاق تعقيبات غزيرة عليه، تؤبن الرجل، وتعدد مآثره فى الفكر والنضال السياسى معاً.

وكانت الصورة الأخيرة للرئيس المصرى أنور السادات حافلة بالعبر، حيث ظهر وهو ملقى بين مقاعد «المنصة» الرئيسية والدم يسيل من رأسه، ويلطخ النياشين التى تكلل صدره. فهذه الصورة بقدر ما تبين نهاية غطرسة السلطة، فإنها توضّح بجلاء غدر الجماعات المتطرّفة التى اقترب منها «السادات» وعزّز وجودها. وهناك صورة الديكتاتور الرومانى نيقولاى شاوشيسكو وهو ملقى على الأرض بعد إعدامه رمياً بالرصاص، التى لخصت نهاية كل مستبد ظالم يستعبد شعبه ويستهين به.

إن الصورة الأخيرة قد تصنع رجلاً، أو تغفر لآخر خطاياه، وقد تصير أيقونة ورمزاً لكفاح بعض الآدميين وانتصارهم على الشدائد، وإصرارهم على حفر دور بارز فى مسيرة الإنسانية المفعمة بالأفراح والأتراح.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصورة الأخيرة 33 الصورة الأخيرة 33



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab