اليمنيون شعب مسلَّح

اليمنيون شعب مسلَّح

اليمنيون شعب مسلَّح

 عمان اليوم -

اليمنيون شعب مسلَّح

عمار علي حسن

يبلغ عدد الأسلحة النارية مختلفة الأنواع التى بحوزة المدنيين اليمنيين نحو ستين مليون قطعة، بمعدل ثلاث قطع لكل فرد، علاوة على «الجنبية»، التى تعنى السلاح الذى يضعه اليمنى فى جنبه، فقد تطورت من الخنجر حتى صارت بندقية أو رشاشاً خفيفاً، بشكل جعل انتشار الأسلحة بين أيدى المدنيين فى اليمن أمراً عادياً.

وتوجد أشهر أسواق السلاح فى خولان وخمر وصعدة ومأرب، وتُباع بها أنواع الأسلحة كافة؛ بدءاً بالمسدسات الخفيفة، وانتهاءً بالمدافع الرشاشة المضادة للطيران. وتعود أصول صناعة هذه الأسلحة إلى بلدان عديدة، منها روسيا الاتحادية، والصين، والولايات المتحدة، وحتى إسرائيل. أما بالنسبة للأسلحة البيضاء، فهناك عشرات الأسواق لبيعها، فى مقدمتها سوق الجنابى وسوق العسوب. ولم يتعرَّض التركيب الاجتماعى لهذه الأسواق أو طريقة عملها لتغير ملموس بعد ثورة 1962، شأنه فى ذلك شأن العديد من الصناعات الحرفية.

وهناك عدة أسباب تقف وراء انتشار السلاح فى الشارع اليمنى؛ أولها يتمثل فى التقاليد والعادات الاجتماعية. فاليمنيون يتعاملون مع السلاح على أنه وسيلة من وسائل الزينة والتباهى بين القبائل، ولذا يشجع الآباء أبناءهم على حمله والتدريب عليه منذ نعومة أظافرهم.

ويرتبط السبب الثانى بسلسلة الصراعات والحروب الداخلية، فقد اندلعت حرب أهلية فى الفترة من 1962 إلى 1970 فى بعض المناطق الشمالية والشرقية من اليمن، تبعها صراع فى المنطقة الوسطى استمر 15 عاماً تقريباً، ثم جاءت الحرب الأهلية فى «اليمن الجنوبى» أواسط الثمانينات، تبعتها الحرب الأهلية اليمنية التى اندلعت عام 1994 حين اتهم السياسيون الشماليون بعض قادة الحزب الاشتراكى بالسعى إلى الارتداد عن الوحدة التى تم إعلانها بين شطرى اليمن عام 1990. ومما يدل على الدور الذى لعبته الحرب الأهلية الأولى فى انتشار الأسلحة بين أيدى اليمنيين أن هذه الظاهرة لم تكن موجودة قبل ثورة سبتمبر 1962، إذ إن الأسلحة كانت بحوزة فئات محددة مثل مشايخ القبائل، والجنود النظاميين، وأفراد الجيش الشعبى. والسبب الثالث يتعلق بالتطرف الدينى، ففضلاً عن تنامى نفوذ بعض الحركات التى ترفع الإسلام شعاراً سياسياً لها فى الحياة الاجتماعية اليمنية، كان اليمن خلال السنوات الأخيرة محطة لاستقبال بعض العناصر التى تنتمى إلى مَن أطلق عليهم «الأفغان العرب»، وهم الشباب العرب الذين شاركوا فى الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفيتى السابق، وتعذَّر عليهم العودة إلى أوطانهم لأسباب أمنية. وقد ظن هؤلاء أن اليمن، بجغرافيته المعقدة وطبيعته الاجتماعية، ملاذاً آمناً لهم، ولذا هاجر بعضهم إليه. ويتمثل السبب الرابع فى عدم تطبيق القوانين. فالقانون الموجود بالفعل ينص على تحريم حمل السلاح فى العاصمة والمدن الرئيسية، إلا أنه لم يطبق بشكل كامل، وتعرَّض لخرق واضح، ليس بواسطة رجال القبائل فحسب، بل على أيدى أنصار بعض الأحزاب السياسية. وعلى الرغم من أن السلطات اليمنية شرعت فى تبنى خطة جديدة لجمع الأسلحة التى بحوزة الأهالى، فى إطار مساعيها الرامية إلى الحد من انتشار ظاهرة العنف فى الشارع اليمنى، فإنها لم تتمكن حتى الآن من تحقيق هذا الهدف.

وإذا كان هناك من يرون ضرورة نزع السلاح الذى بحوزة المدنيين باعتباره مظهراً للتخلف والبداوة، وأحد أسباب تفشى الجريمة والقتل فى المجتمع اليمنى، فإن المدافعين عن هذه الظاهرة يعتبرونها جزءاً من الأصالة اليمنية، وعلامة على الشعور بالكرامة والعزة والانتماء للقبيلة. وقد وصل الأمر بالرئيس اليمنى نفسه، غير مرة، إلى أن يتفاخر بأن شعب بلاده مسلَّح، وأنه قادر على تسليح مليون قبلى لمواجهة أى اعتداء خارجى.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اليمنيون شعب مسلَّح اليمنيون شعب مسلَّح



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab