حسن الصورة الأخيرة 23

حسن الصورة الأخيرة (2-3)

حسن الصورة الأخيرة (2-3)

 عمان اليوم -

حسن الصورة الأخيرة 23

عمار علي حسن

ولو مات صدام حسين دون مشهد إعدامه، الذى تسرب إلى الفضائيات، فنقلته للبشرية جمعاء، لكان قد خسر الكثير، فصدام الطاغية الذى حكم بلاده بالحديد والنار واستعذب مشاهد الدم فى قتل خصومه ومعاركه الخاسرة، وجد من يذرف عليه بعض الدموع، لأنه رحل واقفاً كما يرحل النخل، لم ينحنِ أمام المشنقة، ورفض أن تُغمّى عيناه، ومضى إلى مثواه الأخير ثابتاً، لم يجرجر قدميه أو يترحم مثلما يفعل الذين يساقون إلى المشانق، ثم نطق بالشهادتين، وسقط إلى نهايته المحتومة.

هذا المشهد تحدث عنه كثيرون فى الشوارع، وعلى صفحات الصحف وفوق الحيز الإلكترونى على شبكة الإنترنت، وفاضت له عواطف لا حد لها، وصلت بالبعض إلى تمجيد «صدام»، لأنه لم يخف من أحد ولا من شىء حتى ولو كان الموت، وغفر له آخرون كل خطاياه لأنه «عاش رجلاً ومات بطلاً» حسب مانشيت إحدى الصحف المصرية. وحتى الذين احتفظوا بأحكامهم العقلية حيال الرجل، والتى لم ترَ فيه سوى أنه مستبد ومتوحش وأحمق، تزحزحوا قليلاً بفعل المشهد الأخير، واستثنوه فى الحكم على مسار صدام ومسيرته. ورأى بعض المتعاطفين معه أن الطريقة التى أراد بها صدام أن ينهى حياته انطوت على شعوره الكبير بعدالة قضية بلاده، وأن حزبه الذى تركه مشتتاً فى جنبات العراق وغيرها، سينتصر فى النهاية على آلة الحرب الأمريكية، ومن يعاونها.

وبالطبع، فليس «صدام» هو الوحيد الذى ذهب إلى المشنقة ثابتاً، لكنه الأشهر على الإطلاق، فقبله رفض ذو الفقار على بوتو أن يعتذر للجنرال ضياء الحق الذى انقلب عليه، واقتنص منه حكم باكستان، وقال للذين ذهبوا إليه برسالة من الرئيس الجديد يطالبه بالاعتذار مقابل أن يظل على قيد الحياة: «سأحكم باكستان من قبرى»، وتحققت نبوءته حين أصبحت ابنته بنازير رئيسة للوزراء. والأمر نفسه تكرر مع سيد قطب، أحد أقطاب «جماعة الإخوان المسلمين» فى مصر، وصاحب الكتب المؤثرة فى تاريخ الحركة الإسلامية، فقد طُلب منه أن يكتب خطاب اعتذار إلى الرئيس جمال عبدالناصر حتى يعفو عنه، فينجو من حبل المشنقة، لكنه أبى واستعصم بموقفه، ومضى إلى المشنقة، وهو يتمتم بأذكاره، وفى قلبه غضب على من ظلمه. ورغم أن أفكار «قطب» تتحمل جزءاً كبيراً من مسئولية انتشار التطرف فى العالم العربى، فإن ثباته فى اللحظة الأخيرة لا يزال يُذكر بمزيد من الإعجاب حين تستدعى سيرته. وتكررت التجربة مع متطرف آخر وهو شكرى مصطفى أمير ما تسمى «جماعة المؤمنين» المعروفة أمنياً وإعلامياً بـ«التكفير والهجرة»، فقد صورت له خيالاته المريضة أنه لن يشنق أبداً، وأن النجاة آتية لا محالة، وأن يد الله ستمتد إليه وتنقذه فى اللحظة الأخيرة، ومن ثم مضى إلى مشنقته مغتبطاً، حتى شد الوثاق، وكسر عنقه، ففاضت روحه.

omantoday

GMT 15:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 15:11 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 15:10 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حسن الصورة الأخيرة 23 حسن الصورة الأخيرة 23



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab