«داعش» وشريعة هولاكو

«داعش» وشريعة هولاكو

«داعش» وشريعة هولاكو

 عمان اليوم -

«داعش» وشريعة هولاكو

عمار علي حسن

«داعش» التى مهدت لها أمريكا بتآمرها وخيبات سياساتها والآن تضربها بعد أن أصبحت تشكل خطراً على مصالحها، هى طور جديد من الإرهابيين، أدمنوا شرب الدماء ونسوا الدين أو ألقوه بلا أى انشغال أو تحسّب تحت أحذيتهم الثقيلة وهم زاحفون إلى مراعى القتل. فسابقوهم كانوا على الأقل يتوقفون ليقيسوا ما هم مقدمون عليه من قتل وتدمير وترويع وفق تأويلات فاسدة للنصوص الدينية يسمونها «أدلة شرعية»، لكن جاءنا من لا يتوقف عند أى شىء، دين أو أخلاق أو ضمير.

فما إن يقع أحد من مناوئى ما تسمى الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام «داعش» فى يد مقاتليها حتى تزهق روحه بجز العنق أو برصاصتين فى سويداء القلب والرأس أو السحل حتى الموت، تتعدد الطرق والقتل واحد، وذلك دون أن تتروى لتعرف ما إذا كان المقتول بريئاً أم جانياً، يحمل السلاح ضدهم أم لا يسمع عنهم أصلاً. ومع القتل تهجير وترويع وحصار وفرض قواعد اجتماعية متخلفة بائدة.

لا تحتفظ داعش وكل من يحذو حذوها من الجماعات الإرهابية والتكفيرية بأسراها على قيد الحياة، لمبادلتهم فى أى وقت من الأوقات، ولا تتعامل معهم وفق ما تفرضه الشريعة الإسلامية ولا أخلاقيات الحروب المتعارف عليها، ومع تكفيرها لكل سكان المناطق التى تغزوها بدعوى أنهم موالون لحكومات غير إسلامية تستبيح دماءهم وأموالهم وأعراضهم.

فى السابق كان الإرهابيون المنتمون إلى مختلف «التنظيمات الجهادية» يعقدون جلسات مطولة لإصدار فتاوى تبيح لهم سفك دم هذا، ونهب مال هذا، وتخريب بيت ذلك، حتى إنهم استغرقوا سنوات كى يحسموا ما يسمى بـ«التترس» أى إمكانية قتل مدنيين أبرياء فى عملية تستهدف مسئولاً فى الحكومة أو ضابط شرطة فى إطار الصراع الدموى على السلطة، بدعوى أن هؤلاء الأبرياء «سيبعثون على نيتهم يوم القيامة».

كان هؤلاء معنيين على الأقل بإيجاد أى حجة أو ذريعة ترطب ضمائرهم، حتى لو كانت فاسدة أو واهية، أما الإرهابيون الجدد مثل داعش، ومن يلف لفها أو يعجب بمسلكها، فقد ركنوا إلى شريعة المغول، جنكيز خان وهولاكو، الذين كانت خطتهم فى الحرب تقوم على عدم احترام أى أخلاق أو الوفاء بأى وعود أو الالتزام بأى تعهدات أو الحذر فى القتل والتخريب، فكانوا يعاهدون الناس إن سلموا سلاحهم على أن تصان أرواحهم، وما إن يستجيبوا لهم حتى يلغوا فى دمائهم، ويستحلوا نساءهم ويخربوا بيوتهم ويحرقوا كل ما لهم، حتى إنهم قتلوا رسل الملوك والقادة ليبثوا الرعب فى النفوس.

بالطبع لا تتوقف داعش وأخواتها لتمعن النظر فى كل آيات القتال فى القرآن الكريم بعد جمعها جنباً إلى جنب وليس قراءتها فرادى أو مجتزأة، ليروا أن الحرب فى الإسلام «عادلة» و«دفاعية»، كما أنهم لا يتوقفون عند توصية أبوبكر الصديق، رضى الله عنه، لقادة الجيش: «لا تقتلوا امرأةً، ولا صبيًّا، ولا كبيراً هَرماً، ولا تقطعوا شجَراً مُثمراً، ولا تُخرِّبُنَّ عامراً، ولا تَعقرنَّ شاةً ولا بعيراً إلاَّ لمأكلة، ولا تُغرقُنَّ نخلاً ولا تحرقنَّه، ولا تغلل، ولا تجبُن».

داعش ليست معنية بهذا، فهى مخلصة لشريعة المغول، ورغم أن كبيرهم يزعم أنه «خليفة المسلمين» و«أمير المؤمنين» فهو فى الحقيقة ليس سوى هولاكو جديد، وكما اندحر المغول ولم يتركوا أثراً، ستذهب داعش وتفشل ريحها، وتصبح نسياً منسياً.

 

 

omantoday

GMT 21:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 21:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 21:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 21:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 21:50 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«داعش» وشريعة هولاكو «داعش» وشريعة هولاكو



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab