رواية عن «دولة المخبرين» 1  2

رواية عن «دولة المخبرين» (1 - 2)

رواية عن «دولة المخبرين» (1 - 2)

 عمان اليوم -

رواية عن «دولة المخبرين» 1  2

بقلم : عمار علي حسن

يُستدعى التاريخ روائياً ليؤدى وظائف محددة من خلال طرائق سردية متعددة الأشكال، فهو مرة يقدم كموضوع، حين يعثر الكاتب على حكاية منسية أو يجد نقصاً فى حوليات المؤرخين النازعين إلى تسجيل أيام الحكام والوجهاء فيرممه عبر صناعة سياق اجتماعى للوقائع والأحداث الجافة المختزلة، والتقاط شخصيات هامشية وتسليط الضوء عليها. ومرة يستدعى لإسقاطه على الحاضر، لاسيما إن تشابهت الوقائع والأحداث. ومرة يقدم للمضاهاة بين زمنين، ذلك الذى مضى ولن يعود، وهذا الذى نعيشه ونكابد فيه، ورابعة لإثبات أن ما نحيا فيه مر به من سبقونا، لأن حياة البشر سلسلة متوالية من المعاناة، حتى إن اختلفت الأسباب والأنواع والظروف.

ضمن الصنفين الثالث والرابع تأتى رواية «البصاص» للكاتب مصطفى عبيد (دار رواق للنشر). والبصاص هو الشرطى أيام المماليك، وكان كبير البصاصين يترأس مجموعة من صغارهم تنتشر فى الشوارع والحوارى والأسواق والحوانيت والمساجد والزوايا والتكايا والحمامات وكل الأماكن التى يرتادها عموم الناس وصفوتهم على حد سواء، لينصتوا إلى ما يقال، وينقلونه إلى رئيسهم، فينقله بدوره إلى الحاكم، فيصير عارفاً بتوجهات الناس حياله، وأى تدابير قد تحاك ضده. كما كانوا يقومون ببث الشائعات بغية التشنيع على خصوم السلطة، أو الإعلاء من قدر الحاكم، وإضفاء طابع أسطورى على سماته وتصرفاته. تبنى الرواية على وثيقة «العسس» التى تعود إلى زمن محمد على، وتركها والد البطل، الذى كان يعمل موظفاً فى دار المحفوظات، وهو خبير فى المخطوطات والوثائق، لتجعل من قضية التجسس أو العسس موضوعها الأساسى، كى تقول لنا باختصار إن السلطة فى دولة لم تنتقل بعد إلى كامل المدنية والحداثة، تحرص على تتبع أخبار وتدابير خصومها، أو حتى من تتوقع أن يكونوا خصوماً لها فى يوم من الأيام. تستوى فى هذا سلطة كانت قائمة مع مطلع القرن التاسع عشر فى مصر، وسلطة موجودة الآن، وأخرى قد تقوم فى قابل الأيام.

وهذه المضاهاة تدفع الكاتب إلى إيجاد تفاعل وتشاكل وتشابك بين هذين الزمنين، وربما هى التى جعلته ينحاز إلى أن يكون بطله كرم البرديسى باحثاً فى التاريخ بجامعة القاهرة، يعد أطروحة دكتوراه عن نظام العسس أيام حكم محمد على وما قبله، تمكنه من أن يقف على أساليب السلطة فى الحط من قدر مناوئيها، بإطلاق شائعات تجرح صورتهم، وطريقتها فى ترفيع أنصارها وممالئيها حتى لو كانوا قليلى القيمة والقامة. ولا يقف انشغال «البرديسى» بالعسس عند أولئك الذين يجدهم يتحركون بين سطور الكتب القديمة، بل أيضاً من يتابعونه فى الشارع، أو هكذا يتصورهم، مهجوساً بما يعرف ويرى، فيتصورهم يراقبونه أينما ذهب، وتشاركه هواجسه تلك فتاة يقع فى غرامها، تهب حياتها للتصدى لدولة الخوف، لكنه لم يلبث هو أن تحول إلى بصاص جديد.

ونكمل غداً إن شاء الله تعالى.

omantoday

GMT 00:43 2024 السبت ,13 إبريل / نيسان

ظلال الجميزة.. «قصة قصيرة»

GMT 00:05 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 06:32 2018 الجمعة ,11 أيار / مايو

الكتابة تحت حد السيف

GMT 05:12 2017 الجمعة ,15 أيلول / سبتمبر

سيادة «القومندان» عارف أبوالعُرِّيف

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رواية عن «دولة المخبرين» 1  2 رواية عن «دولة المخبرين» 1  2



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab