لا تتخاذل

لا تتخاذل

لا تتخاذل

 عمان اليوم -

لا تتخاذل

عمار علي حسن

لا تتخاذل..

فالحرية تُنتزع ولا توهب، والحق إن لم تحمه القوة يضنيه الباطل، والساكت عنه شيطان أخرس، ووزر المظلوم الصابر على الظلم كوزر من ظلمه، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وفضل العامل على العابد كفضل الرسول على سائر أمته، ومكابدة الشوق لن يخفف منها سوى دفء اللقاء، والدنيا تؤخذ غلاباً، والتمنى لا يحقق مطلباً، ولا يلبى حاجة، ولا يشفى غليلاً، ولا يحرر شعباً مستعمَراً، ولا يرد أرضاً محتلة، ولا يعيد حقوقاً سليبة.

لا تتخاذل..

فالإقدام هو أقصر طريق لتنال ما تريد، والصدق نجاة، والصراحة قوة، والبذل والعطاء هو ما سيبقى للإنسان فى الأرض، والزبَد سيذهب جفاء، والمستكينون سيعضون أصابع الندم فى النزع الأخير من حياتهم، والمترددون سيودون لحظة الموت لو مدّ الله فى أعمارهم حتى يخلعوا رداء الإحجام ويخوضوا غمار الحياة دفاعاً عن وجودهم وكرامتهم.

لا تتخاذل..

فالحرية لها ألف باب، وبابها الأوسع أوصده المستبدون والفاسدون والمحتكرون والغاصبون، والواقفون عليه سيطول انتظارهم، فلا تقف مكتوف اليدين وتنتظر الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والمصلحة بعد المفسدة، والتحرر بعد الاستعباد، بل قم والبس نعليك ودُس على أعناق ظالميك، وامسك أفواههم الطامعة وخلّص من بين أسنانهم القاطعة لُقيماتك وقوت أولادك.

لا تتخاذل..

ولا تنتظر من يؤدى دورك عنك، ولا من يدفعك إلى الأمام، ولا من يعمل من أجلك، فما حكّ جلدك مثل ظفرك، وما عرف منفعتك غيرك، وما ذاد عن روحك إلا ساعداك، وما حماك إلا سلاحك، وما سترك إلا جيبك وذووك، ولا تأمل فى سلطان، فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد، ولا فى قبطان فالبحار تهيج والموج يطغى وقعرها مظلم، ومذاقها أُجاج. ولا تكن تابعاً ذليلاً، واعلم أنك إن مشيت وراء أحد فقد يُضلك، وإن مشيت أمامه فقد يروغ منك، لكن سِرْ بجانب كل المخلصين، وضع يدك فى أيديهم، كى يولد الفجر على أكفكم جميعاً، وتخمش أظافركم المسنونة وجوه الجلادين، فيفروا هاربين.

لا تتخاذل..

ولا تقبل أن تموت وأنت على قيد الحياة، ولا ترضَ بمنطق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً، فالجبارون أغلقوا كل الصوامع، والأرض ضاقت على الناس بما رحبت، والبطون الخاوية يضربها الوهن، والجوعى لا يمكن أن يكونوا أحراراً، والعرايا ليس بوسعهم أن يتحدثوا عن الكرامة، والسبايا لا يمكنهن الحفاظ على شرفهن.

لا تتخاذل..

ولا تهرب وتترك لهم الجمل بما حمل، والنهر بما فاض وطمى، والصحراء بما انطوت عليه من زهد ورهبة وخير مطمور، بل زاحمهم وطالبهم وقضّ مضجعَهم بالليل والنهار، فالأرض أرضك، والعرض عرضك، والشوارع والحوارى والأزقة والميادين والجسور كلها لك، فلا تقبل أن يمنَّ عليك أحد بما هو من حقك، ولا تنتظر حتى تأتى ساعة تتسول فيها ما يقيم أودك، ويستر عورتك.

لا تتخاذل..

وكن مؤمناً بأنك ستضحك فى النهاية، وقُلْ فى نفسك بثقة متناهية: من يضحك أخيراً يضحك كثيراً، واتلُ عليهم ما قاله ربك: «إِن تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ»، وقُلْ للأفاقين المتاجرين بالدين وفقهاء السلاطين ووعاظ الشياطين: إن نصر الله يتحقق بإقامة العدل ومقاومة الفساد وحفظ الدين والنفس والعرض والمال والاستخلاف فى الأرض، وليس بالدروشة والرهبنة والزحف على البطون، والانسحاب من الدنيا بأسرها.

لا تتخاذل..

واعمل ما وسعك من أجل أن تمتلك قلبَ ناسكٍ، وعقل عالم، وشكيمة فارس، وخيال شاعر، وطلاقة ريح، وكرم نهر، وفراسة صقر، وإباء نخلة، فالنخل يموت على قدميه ولا يركع. ولا تقل إن هذا صعب، فأنت خليفة الله فى الأرض، منحك من كل صفاته، وأعطاك طاقة جبارة وعليك اكتشافها. حاول فستبلغ ما تريد، وإن لم تصل فيكفيك شرف المحاولة، وإن هزمتك الظروف والزمن فابتسم، فابتسامة المهزوم تخفف من زهوة المنتصر، وقد تفقده لذة الانتصار.

لا تتخاذل..

واجعل أكلك من فأسك، وقرارك من رأسك، واصنع لقدميك أرضاً صلبة، وارفع هامتك، حتى تلامس أنفك الريح، ولا تنس أبداً أن التواضع لا يمكن أن يكون ذلاً، ودماثة الخلق لا تعنى أبداً قبول الضيم، والصبر لا يمكن أن ينتهى إلى الخمول والخمود، وتذكر دوماً أن الزمن لا يجرى فى صالح المتقاعدين والمتقاعسين، وأن لكل مجتهد نصيباً

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا تتخاذل لا تتخاذل



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab