ما بين مصر والإمارات

ما بين مصر والإمارات

ما بين مصر والإمارات

 عمان اليوم -

ما بين مصر والإمارات

عمار علي حسن

وقفت مصر إلى جانب الإمارات منذ أن انطلقت مسيرتها فى عام 1971، فأيدت اتحادها الوليد، وباركت التوجه العروبى لقائدها ومؤسسها، وساهم مصريون نبهاء من مختلف المجالات والتخصصات فى بنائها، وظل الجميع طيلة الوقت من الفلاحين الذين يبذرون الحب فى مزارع العين إلى أساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين والقضاة، يفكرون ويتحدثون ويتصرفون بكل خير وحب وامتنان حيال الإمارات الشقيقة.
ومنذ نشأتها لم تبخل الإمارات على مصر بشىء، وأحب المصريون الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان حباً حقيقياً لم يرقَ إليه شك، ولم يخالطه نفاق. وهذا النمط من العلاقة الإيجابية التى تتسم بالعمق والاتساع إلى حد ظاهر، قام دوماً على قيم سياسية أخلاقية، فى مطلعها النصرة فى الشدائد، والحفاظ على الاستقرار، وصيانة الأمن القومى العربى، وتوطيد أواصر الصلة بين الشعوب، ومدّ جسور عفية قادرة على الصمود فى وجه التقلبات السياسية الإقليمية والدولية، وشمول الرؤية، والارتفاع فوق الحسابات النفعية الضيقة التى تحكم سياسات بعض الدول، والنظر إلى المستقبل فى ثقة.

وتتم مساعدة الإمارات لمصر وفق تصورين أساسيين، يعكسان الإدراك المتبادل بين البلدين لأهميتهما، هما:

1 - إبداء الإمارات عزماً واضحاً على استمرار هذه المساعدات وتعزيزها فى المستقبل، وهى مسألة تبدو جلية فى تصريحات المسئولين الإماراتيين طيلة الوقت.

2- حالة الامتنان الرسمى والشعبى فى مصر لتوجه الإمارات هذا، وتعكسها أيضاً تصريحات المسئولين، واستطلاعات الرأى، والتعليقات التى تصاحب أى أخبار تُنشر أو تُبث حول هذه المسألة.

ورغم أن مساندة الإمارات اقتصادياً لمصر مبدئية، وتتجاوز الظروف الراهنة بحساباتها السياسية والأمنية، فإن مثل هذا التوجه ستكون له آثار إيجابية على مستقبل العلاقات بينهما فى مجالات عدة، سياسية وأمنية وعسكرية بل واجتماعية أيضاً.

وبعيداً عن السياسات الطارئة التى تلاحق أحداثاً لا تتوقف فإن مصر والإمارات مدعوتان، الآن أكثر من أى وقت مضى، للمساهمة القوية فى وجود «كتلة عربية حية» بعد أن أُتى العالم العربى من أطرافه، فضعفت دول وتفككت، ثم جاءت تداعيات الانتفاضات والثورات فأطلقت حروباً أهلية فى أخرى، علاوة على ما ترتب على الاحتلال الأمريكى للعراق.

وبلوغ هذه المرتبة لا يكون بالكلام، ولا باستمراء أحلام اليقظة، إنما بالعمل من دون ملل ولا كلل فى سبيلها، وهذه مسلّمة لا أتصور أن هناك خلافاً عليها، حتى لو كان هناك اختلاف أو تنوع فى أسلوب العمل وطرائقه، وهذه مسئولية النخب السياسية والاقتصادية والثقافية التى تموج بها الكتلة العربية الحية، خاصة فى مصر والإمارات.

وتعزيز العلاقات بين مصر والإمارات، على هذا الدرب، يبقى مربوطاً بأربعة أمور رئيسية، هى:

1- توافر الإرادة السياسية المشتركة لدى حكومتى البلدين فى المضىّ قدماً باتجاه بناء نسق من العلاقات الثنائية المتميزة على مختلف الصعُد.

2- وجود عوامل موضوعية ترتكز على المصالح المتبادلة، تجعل من تقارب مصرى إماراتى أشد خياراً لا بد لكلا الطرفين من اعتماده، والبحث دوماً عن الترتيبات والإجراءات والقرارات التى تدفعه فى هذا الاتجاه.

3- توافر سياق سياسى إقليمى يشجع مصر والإمارات على المضىّ قدماً فى توثيق علاقاتهما، أو يجعل هذا الخيار ضرورياً، ووجود قدرة لدى الدولتين على التغلب على أى معوقات طارئة يفرضها هذا السياق فى المستقبل.

4- أن يساعد وضع «النظام الدولى» مصر والإمارات على بناء نمط من العلاقات المتميزة من دون عناء أو تخوف، وحتى إن فرض هذا الوضع تحديات يمكن أن تتسبب فى اهتزاز هذه العلاقات، سواء كان ذلك بقصد أو من دون قصد، فعلى البلدين امتلاك الوسائل التى تمكنهما من منع أى آثار سلبية لهذا الوضع.

وبالطبع، فإن اجتماع هذه العناصر فى لحظة تاريخية واحدة يبدو أمراً مثالياً، إلا أن علاقات مصر والإمارات كانت قادرة دوماً على أن تمضى نحو التعزز حتى فى ظل ظروف إقليمية ودولية غير مواتية، لتبنى دوماً نمط علاقات يتسم بالرسوخ والنضوج، يمكنه امتلاك القدرة على مقاومة أى رياح مضادة، ترمى إلى النيل تماماً من هذه العلاقات، أو على الأقل تحجيمها، ووضعها عند حد متدن، لا يسمح لكلا الطرفين بالاستفادة منها وفق ما هو مأمول، أو ما ينتظره شعبا البلدين.

إن مصر والإمارات أثبتتا دوماً أنهما لا يمكن أن تقفا مكتوفتى الأيدى فى انتظار اللحظة التاريخية المناسبة لتنمية علاقات مشتركة، إنما تنطلقان من إدراك واضح المعالم بأنه من الواجب أن تتم صناعة هذه اللحظة «الآن وهنا»، بما يحافظ على «الكتلة العربية الحية» وهو أمر بات حيوياً للطرفين فى وقت تواجه فيه كلتاهما تحديات كبرى، تمس أمنهما القومى، علاوة على التزامهما الطبيعى حيال الأمن القومى العربى بوجه عام.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما بين مصر والإمارات ما بين مصر والإمارات



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab