مشروع القناة ما له وما عليه 22

مشروع القناة.. ما له وما عليه؟ (2-2)

مشروع القناة.. ما له وما عليه؟ (2-2)

 عمان اليوم -

مشروع القناة ما له وما عليه 22

عمار علي حسن

أما العائد الاقتصادى لمشروع القناة، فيبدو أنه لن يأتى سريعاً فى ضوء الأرقام المتاحة عن حجم التجارة الدولية فى السنوات القليلة المقبلة، وإن كانت إمكانية تحققه بقوة قائمة إن لم تكتف السلطة المصرية بحفر التفريعة، وشرعت على الفور فى تنفيذ مشروع تنمية إقليم قناة السويس، بحيث يتحول الممر الملاحى إلى مركز أعمال عالمى متكامل يقدم خدمات النقل البحرى من إصلاح سفن، وإمدادها بالوقود، وخدمات القطر والإنقاذ وصيانة ودهان وتنظيف السفن، وكذلك خدمات الشحن والتفريغ. علاوة على إقامة مجمعات صناعية جديدة، وأخرى للتعبئة والتغليف، ومراكز للإمداد والتموين، وموانئ محورية على مدخلى القناة فى الذهاب والإياب، بما يجعل لمصر موقعاً متقدماً على خريطة سلاسل الإمداد العالمية، ويربط مصير جزء من منظومة التجارة الدولية. بقناة السويس.
ويشترط تحقيق هذا جذب استثمارات غزيرة، وهذا يتطلب ابتداء كبح جماح جهاز بيروقراطى يتسم بالجمود والبطء، وسن قوانين جديدة تسهل حصول الشركات على التراخيص والأراضى، دون جور على حقوق جموع المصريين، الذين سارعوا إلى تمويل بداية المشروع، وضربوا، قبل أى فرد وأى أحد، كبيراً كان أو صغيراً، مثلاً عظيماً فى إمكانية الاعتماد على الذات والوقوف خلف الوطن حين تتأزم أموره وتصعب أحواله ويتهدد أمنه، ويريد أن يفتح نافذة على المستقبل.
ويبقى أنه بوسع مصر أن تعمل على تحويل الممر الملاحى البحرى الأكبر فى العالم الذى يربط أوروبا بآسيا إلى منطقة اقتصادية كبرى، تدر عائداً أكبر بكثير من 5 مليارات دولار سنوياً تمثل دخل القناة حالياً، وهذا فقط هو ما يجعل المشروع ذا جدوى اقتصادية، أما الوقوف عند حد ما جرى فى المرحلة الأولى من المشروع، وهو حفر تلك التفريعة، سيجعله يشكل عبئاً على الاقتصاد الوطنى فى المدى القصير، خاصة بعد أن تم تمويل المشروع من خلال شهادات اشتراها مصريون بفوائد مرتفعة، وسيكون على الحكومة أن تدبر الأموال اللازمة لدفع هذه الفوائد، فإن لم يأتِ المشروع بعوائد سريعة لتسديدها، سيتم الدفع من الدخل الحالى للقناة، والذى يشكل مصدراً رئيسياً للدخل القومى.
علاوة على هذا فإن جزءاً من الطاقة الاستيعابية للقناة، قبل حفر الفرع الجديد، كان غير مستغل، فالقناة بوسعها أن تتحمل مرور 76 سفينة يومياً، ولا يعبرها الآن سوى 49 فقط. ويزيد على هذا تلك الدراسات التى تبين أن إصرار الرئيس على إنجاز المشروع فى سنة واحدة، بدلاً من ثلاث كما كان مقرراً، أدى إلى زيادة تكلفة الحفر بنحو 11 مليار جنيه، وهو رقم ليس بالقليل بالنسبة لدولة استدانت تكلفة المشروع، حتى لو كان صاحب الدين هو جزءاً من الشعب المصرى.
ويبدو فى نظر البعض أن توسيع القناة وتعميقها أمر مهم لمقابلة توقعات تقول إن نسبة 30% من حجم التجارة العالمية ستمر بالقناة بحلول عام 2030، أى تزيد ثلاث مرات عما هى عليه الآن، فى ضوء تنامى حجم تجارة الصين مع أوروبا، وفى ضوء هذا يتطلع المسئولون إلى أن يصل عائد القناة بحلول عام 2023 إلى 13.2 مليار دولار.
لكن هناك رأياً آخر يقول إن السفن العملاقة التى يحتاج مرورها توسيع وتعميق القناة تخص نقل النفط، والدولتان اللتان ستتوسعان فى الصناعة خلال ربع القرن المقبل، وهما الصين والهند وبالتالى ستستهلكان الجزء الأكبر من نفط العالم، لن تمر وارداتهما من هذه السلعة الاستراتيجية من قناة السويس، حيث الخليج العربى أقرب إليهما، وإن حصلتا على نفط من شرق أفريقيا سيكون عبر المحيط الهندى مباشرة، وإن كان من غرب أفريقيا، فعن طريق رأس الرجاء الصالح. كما أن إقدام الشركات الأوروبية الكبرى على بناء مصانع لمنتجاتها على أرض بلدان فى شرق وجنوب شرق آسيا، لرخص العمالة وتوافر بعض المواد الخام وضخامة السوق، قد يؤدى إلى تراجع حجم التبادل التجارى بين الشرق والغرب فى المستقبل، والذى يعتمد على قناة السويس اعتماداً كبيراً.
هذا التباين فى تقدير العوائد الاقتصادية على المديين القصير والطويل، لا يمنع الاتفاق على العوائد السياسية، التى جنتها السلطة الحالية فى مصر بإنشاء هذا المشروع، فالرئيس سيبدو فى نظر الشعب أنه قادر على الإيفاء بما وعد، وقد لا ينتبه أغلب الناس إلى أن ضغط الوقت أدى إلى رفع كلفة المشروع، كما سبقت الإشارة.
ولعل الاحتفالات الصاخبة التى تصاحب إطلاق المشروع، تقدم دليلاً قاطعاً على أن الرئيس السيسى يريد استغلال المناسبة فى تعزيز شعبيته، التى تراجعت نسبياً فى الشهور الأخيرة مقارنة بحالتها فور توليه السلطة، جنباً إلى جنب مع حفز الطاقات الكامنة لدى المصريين بأن بوسعهم أن يصنعوا المعجزات إن أرادوا، وأخلصوا وتماسكوا وأتقنوا العمل.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشروع القناة ما له وما عليه 22 مشروع القناة ما له وما عليه 22



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 19:30 2020 الخميس ,28 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:44 2020 الجمعة ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم الجمعه 30 أكتوبر / تشرين الأول لبرج الجدي

GMT 23:57 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab