هل صحيح عاد نظام «بن علي»

هل صحيح عاد نظام «بن علي»؟

هل صحيح عاد نظام «بن علي»؟

 عمان اليوم -

هل صحيح عاد نظام «بن علي»

عمار علي حسن

ما إن ظهرت نتائج الانتخابات التونسية بفوز «نداء تونس» بالأغلبية النسبية على «حركة النهضة»، حتى ظهرت تحليلات إخوانية فى تونس وخارجها تقول إن نظام «بن على» قد عاد، والثورة المضادة تنتصر. وفضلاً عن أن هذا الرأى فيه قدر هائل من الدعاية السياسية التى تسبق انتخابات رئاسية يخوضها زعيم «نداء تونس» الباجى السبسى فإنه يقوم على مغالطة منطقية من المنشأ مفادها أن الإخوان والسلفيين «قوى ثورية» مع أن تفكيرهم وتدبيرهم من الأصل أبعد تماماً عن المسار الثورى، فضلاً عن أنهم التحقوا بالثورتين المصرية والتونسية متأخرين، وبعد أن اطمأنوا إلى أن القوة المدنية يحوطها الشعب قد جعلت من إسقاط «بن على» و«مبارك» عملية وقت أو تحصيل حاصل، وحاولوا سرقة الثورتين بفرض رؤية أو تصور مغاير تماماً لما أراده الثوار وطرحوه وخرجوا على أساسه.

ويفتقر هذا الادعاء أساساً إلى أى سند أخلاقى قياساً إلى أن «حزب النهضة» هو الذى رفض عزل رموز نظام «بن على» عبر تشريع فى البرلمان، وتفاهم معهم من الباطن، مثلما فعل الإخوان فى مصر وهم يتقدمون نحو الحكم وحين حازوه فى أول الأمر، كما أن «السبسى» يُحسب على الحبيب بورقيبة أكثر من «بن على».

ربما يوجد فى تونس، كما هى الحال فى مصر، من يسعون بكل قوة إلى عودة نظامى ما قبل الثورتين كما كانا، بالأفكار والأشخاص والسياسات والعلاقات والصور، لكن هؤلاء يفتقدون إلى البصر والبصيرة وإلى الحكمة السابغة التى تقول «الإنسان لا ينزل النهر مرتين لأن المياه تتبدل باستمرار».

والبعض يركز فى حديثه على عودة النظام القديم من عدمه على الأشخاص الذين كانوا يتصدرون المشهد قبل الثورة، متناسين معايير أخرى مهمة هى فى الحقيقة تشكل جوهر الحكم على هذه المسألة، ويمكن ذكرها على النحو التالى:

1- الإطار الذى يحكم العملية السياسية: ويتعلق أساساً بالدستور، فإن كان هناك دستور جديد يختلف فى توزيع السلطات وصيانة الحريات وتوزيع ثمار التنمية وإقرار الحقوق المعنوية والمادية، عن ذلك الذى كان معمولاً به قبل الثورة، نكون أمام «قاعدة نظرية» على الأقل لنظام جديد، حتى لو قال البعض إن السلطات قد تتعامل مع الدساتير بوصفها مجرد «حبر على ورق» فإن الرد على هذا بوضوح أن مثل هذه التصرفات تنزع الشرعية جزئياً عن السلطة، وقوى المعارضة لن تصمت، وستحرك قطاعات من الناس للتضامن معها، وقد تسقط السلطة سياسياً بعد سقوطها أخلاقياً بانتهاك الدستور.

2- مدى توافر آليات التصحيح المستمر من عدمه: وتحديداً «الانتخابات» فقبل الثورة كانت الانتخابات شكلية ومزورة بالكامل وإرادة الشعب غائبة، والسلطة تهندس النتائج وفق مشيئتها وهواها، وهى مسألة تغيرت تماماً الآن، فأصبحت الانتخابات تتمتع بقدر كبير من الحرية والشفافية تمكن الشعب من القدرة على التغيير.

3- مقدار التعلم من التجربة: أى ما إذا كانت هناك شخصيات تنتمى للنظام القديم، ممن لم يفسدوا ويظلموا ويقتلوا، قد تعلموا الدرس مما جرى، وسيتصرفون على أساس وعيهم الجديد من عدمه؟ والأمر نفسه ينسحب حتى على من حازوا السلطة بعد الثورة ممن آمنوا بقدرة الشعب على التغيير بعد أن كانوا يعتقدون أن هذا مستحيل.

4- حجم التغير فى الثقافة السياسية: فالشعب انتقل من السلبية واللامبالاة وفقدان الثقة فى نفسه والخوف من السلطة والاستعداد للتنازل عن الحقوق وعدم إعطاء قضيتى الكرامة والحرية وزنها الطبيعى فى الحياة إلى النقيض من هذا تماماً.

5- اتجاهات السياسات العامة: فهل هذه السياسات فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية تتغير أو فى سبيلها إلى التغير أم على الحال نفسه الذى كان سائداً قبل الثورة؟ وهل شبكة العلاقات الاقتصادية أو الإنتاجية المرتبطة بها هى نفسها التى كانت مطبقة من قبل أم لا؟ وهل هناك قنوات قد انفتحت لتغيرها تدريجياً أم لا؟

يجب فحص هذه المسارات بدقة، والإجابة على تلك التساؤلات بأمانة، قبل الحديث المتعجل أو المغرض أو الواقع فى قبضة الدعاية السياسية عن عودة النظام القديم من عدمه. إن الحقيقة الأصيلة هى أن الشعب قد استيقظ والقديم إن عاد جزئياً فلن يصمد، والثورة ستجرف أمامها كل من يحاول أن يسرقها أو يهملها أو يتلافى نداءها العظيم.

omantoday

GMT 15:14 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تحت البحر

GMT 15:13 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 15:12 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

لا سامح الله من أغلق ملفات الفساد

GMT 15:11 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

انتصرنا!

GMT 15:10 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الفكر السياسي سيرورات لا مجرّد نقائض

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

«إنت بتفهم في السياسة أكتر من الخواجه؟!»

GMT 15:08 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس ترمب؟!

GMT 15:07 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مجموعة العشرين وقمة اللاحسم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل صحيح عاد نظام «بن علي» هل صحيح عاد نظام «بن علي»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab