أقاصيـص قصيرة جـداً

أقاصيـص قصيرة جـداً

أقاصيـص قصيرة جـداً

 عمان اليوم -

أقاصيـص قصيرة جـداً

عمار علي حسن

1- غزو

رأيت خيولاً تخرج من النهر، عليها فرسان يشرعون سيوفهم فى وجه الشمس، وعيونهم تقدح شرراً، كانوا كلما تقدموا يموت الزرع تحت السنابك، ويصير الأخضر أصفر، ويختفى الورد وتظهر الأحراش.

2- إصغاء

كان حريصاً على أن يجلس صامتاً، ينصت إلى كل ما يقال له، بمرور الوقت لاحظ رفاقه أن أذنيه تطولان حتى تدلتا على كتفيه، فكان يسحبهما إلى فمه، فتغلقانه، ثم يجلس يزيد فى الإنصات.

ذات مرة فتح فمه ففوجئ بلسانه قد اختفى، بينما شفتاه تآكلتا، وبانت أسنانه السوداء أقبح مما كان يتصورها.

3- الكابتن

ما إن ينزل أرض الملعب حتى يعلق عينيه بالجمهور الذى يتزاحم لتشجيعه فى حماس شديد، حتى أدرك النادى أن الناس تأتى من أجله، فأبقاه المدرب طيلة المباريات دون تغيير. أما هو فكانت عيناه تحطان دوماً على الوجوه المتزاحمة، بينما الكرة تتقاذفها الأرجل بعيداً عنه، حتى بدأ الجمهور يتساءل: هل هو موجود فعلاً فى صفوف الفريق؟ وكل مباراة يتردد السؤال وتزداد الحيرة.

4- رسالة

وقفت تغسلها الدموع أمام ضريح الشيخ الذى يقصده الناس من كل مكان. راحت تمرغ وجهها فى غطاء الحرير الأخضر الذى تسجى به القبر العتيق، ثم دفنت يدها فى صدرها، وأخرجت مظروفاً أبيض، ملون الحواف، رفعت الغطاء ودفعت رسالتها تحت الحرير.

استدارت فوجدت عيوناً ترمقها بتهكم وحنق ودهشة، فنظرت إليها جميعاً، وقالت لأصحابها:

ـ وحده الذى سمعنى، وطلبت منه غير مرة فما خيب لى رجاء.

فانتفضوا، وتحلقوا حول الضريح، وأخرج كل منهم قلما وورقة من جيبه، وراح يكتب ما يريد.

5- أجر

جلس الكاتب الفقير إلى طبيب العيون الشهير، وأخرج من حقيبته نسخاً من مؤلفاته العشرة، مدها إليه قائلاً:

ـ ليست معى أجرة الفحص، وأعرفت أنك دودة كتب.

رمق الطبيب الكتب المرصوصة، وسأله:

ـ من أدراك أنك من الذين تروقنى القراءة لهم؟

وضع الكاتب يداً مرتجفة على مؤلفاته، وقال:

ـ ضعها على طاولة الصالة التى ينتظر فيها المرضى فيطالعونها.

عاد الطبيب إلى الابتسام، وقال:

ـ أغلبهم لا يرون، كما ترى، ومن لديه بصيص من نور لا يريد أن يطفئه.

وقف الكاتب ونظر إلى الطبيب ساخراً، وهو يسحب كتبه نحو الحقيبة، وسأله:

ـ وهل تعالجهم لشىء أثمن مما فى حقيبتى؟

6- نخلة

هزت الريح النخلة التى تعانق الفضاء، ورأى الناس تمرها الشهى يتساقط بلا توقف، جروا إليها فاتحين أيديهم وحجورهم، لكن لم يقع فيها شىء. تعبوا من الوقوف فجلسوا، وطالت جلستهم حتى هدأت الريح، وجاء الظلام.

أخذهم النوم من فرط التعب، وحين استيقظوا مع خيوط نور نهار جديد، اتسعت أحداقهم حتى غطت وجوههم، وهبوا مذعورين، يبحثون عن النخلة التى اختفت تماماً.

7- بيع

تغير نشاط المحل غير مرة، فمن «حاتى» إلى سمَّاك، ثم محل فاكهة وخضار، وبعدها عاد مطعم فلافل، ثم استأجره بائع أحذية، ولم يلبث أن أغلقه ليشتريه علّاف، ولم يلبث أن تحول إلى مكتبة. وفى كل مرة، يُنظم حفل افتتاح ضاج بالألوان والموسيقى، لكن دون جدوى.

واقترح عجوز على الأخير الذى عزم على أن يجعله بقالة أن يأتى برجل مبروك يتلو فيه تعاويذ لتهرب الشياطين ويهل الزبائن. جاء الرجل يسبقه صيت روجه المشترى الجديد، فتزاحم الناس عليه، مادين أكفهم وفناجينهم وأشياءهم كى يقرأ لهم الطالع. ووقتها عرف صاحب المحل أى صنف سيبيعه، فنزع اللافتة واستبدلها بأخرى كتب عليها: «اعرف بختك».

omantoday

GMT 22:23 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الإلكترونية

GMT 21:52 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

موعدنا الأحد والاثنين والثلاثاء

GMT 20:31 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الإصلاحي

GMT 22:08 2023 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

المناظرات الكبرى!

GMT 23:47 2023 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

لا يسكنون الوطن ولكن الوطن يسكنهم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أقاصيـص قصيرة جـداً أقاصيـص قصيرة جـداً



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab