الإرهاب في العالم العربي

الإرهاب في العالم العربي

الإرهاب في العالم العربي

 عمان اليوم -

الإرهاب في العالم العربي

عمار علي حسن

مع خمس موجات للإرهاب واجهتها مصر منذ الأربعينات وإلى الآن، شهدت دول عربية أعمالاً إرهابية قامت بها مجموعات تميل إلى التصورات التى اعتقد فيها وتمسك بها التنظيم الخاص لجماعة الإخوان وكذلك الجماعات والتنظيمات التى تتوسل بالإسلام لحيازة السلطة، لعل أبرزها تلك التى شهدتها الجزائر فى «عشرية دموية» اندلعت بعد تدخل الجيش للحيلولة دون وصول «جبهة الإنقاذ» للحكم، ليرفع الراديكاليون الإسلاميون السلاح فى وجه السلطة والمجتمع، مستهدفين الجيش والشرطة والأحزاب المدنية وجموع الشعب بمن فيها الطبقات الفقيرة والمعدمة التى لا ناقة لها ولا جمل فى الصراع على السلطة.

وخلال عشر سنوات من الحرب الضروس التى خاضها الجيش ضد الإرهابيين قُتل ما يربو على مائة ألف شخص، كثير منهم ذُبح كالخراف، ودمرت منشآت، وتعطلت مؤسسات، وحيكت مؤامرات، واستُنزفت أموال، وشاعت فوضى واضطرابات، وتفنن الإرهابيون فى عملياتهم ما بين تفجيرات فى العاصمة ومدن أخرى، ومهاجمة القرى النائية وقتل أهلها لعقاب الجميع على الالتفاف حول الجيش أو لإحراج السلطة وإظهارها على أنها عاجزة عن حماية الشعب، وتفجير منشآت نفطية وخطوط نقل الغاز الطبيعى.

وتحطمت أهداف الإرهابيين أمام إصرار الجيش على استئصالهم ونفور المجتمع منهم وظهور انشقاقات بين صفوفهم وقيام جناح من الحركة الدينية المسيسة بالابتعاد عنهم بعد أن أدركت أن العنف لن يحقق لها مكاسب عاجلة أو آجلة. وحين جاء الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة طرح مبادرة لـ«المصالحة الوطنية» وتلكأت فصائل من «الإسلاميين» فى قبولها ثم ما لبث أن ارتضت بها، ورجعت تمارس السياسة بشكل علنى ومن خلال مؤسسات الدولة وقوانينها وتشريعاتها. وظلت هناك جماعات إرهابية مصرة على رفع السلاح ذهبت إلى الصحراء واعتنقت أفكار «القاعدة» وساهمت فى إعلان ما يسمى «تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى».

والدولة العربية الثالثة التى شهدت موجات متلاحقة من الإرهاب هى اليمن، لا سيما بعد أن استعصمت عناصر تابعة لـ«القاعدة» أو متبنية لأفكارها أو ما يشبهها بالجبال الوعرة وبنت علاقات مع المحيط الاجتماعى القبلى الخارج عن سلطة الدولة أو المتحدى لها. ولم يقتصر استهداف «قاعدة اليمن» أهداف داخل الدولة، وهى مسألة تكررت كثيراً على مدار العقد الذى سبق اندلاع الثورة، بل طال أهدافاً خارجية مثل ضرب البارجة الأمريكية «كول» فى مياه عدن خلال شهر أكتوبر من عام 2000. وبالقطع سيجد المتطرفون فى اليمن فرصة جديدة مع استمرار الصراع على الحكم وتدخل القوى الإقليمية فى بلادهم إلى جانب استمرار العوامل التى أوجدت الإرهاب وتغذيه بلا توقف.

وفى سوريا تمكنت السلطة من إنهاء أى نفوذ للإخوان وغيرهم من أتباع «الإسلام السياسى» والسلفية الجهادية بعد المواجهة المسلحة فى حمص وحماة سنة 1981 لكن هؤلاء ظلوا يعملون تحت الأرض فى هدوء، وجاء الاحتلال الأمريكى للعراق ليجعل النظام فى دمشق بحاجة إلى التعامل مع «السلفية الجهادية» لمقاومة الاحتلال، لا سيما بعد أن هددت واشنطن بأن سوريا ستكون المحطة الثانية للقوات الغربية بعد العراق، ولذا نسقت دمشق مع بعض المجموعات الجهادية الراغبة فى التسلل إلى الأراضى العراقية. وفور اندلاع الثورة ضد بشار الأسد أطلت السلفية الجهادية والإخوان برأسيهما فتحولت الثورة إلى حرب أهلية ثم صراع إقليمى أخذ فى جانب منه صيغة مذهبية، وتطور الأمر إلى قيام مجموعة متطرفة باقتطاع جزء من البلاد لإقامة ما يسمى «الدولة الإسلامية فى العراق والشام».

والأمر نفسه ينطبق على ليبيا حيث كان «القذافى» يواجه التطرف الدينى بالحديد والنار، لكن هؤلاء وجدوا صامتين ثم توافدوا من الخارج عقب اندلاع الثورة وانضم إليهم متطرفون من جنسيات أخرى، لتصبح البلاد أرضاً خصبة لجماعات إرهابية شتى فى الوقت الراهن.

ولم تخلُ الدول العربية الأخرى من جماعات متطرفة رأيناها فى العراق متمثلة فى «التوحيد والجهاد» وفى الصومال هناك أكثر من جماعة حلت محل الدولة، وفى تونس نشهد توحشا للسلفية الدعوية والجهادية معاً، وفى المغرب كذلك والسودان والأردن ولبنان، وكل هذه البلدان شهدت عمليات إرهابية متفرقة، كما استُهدفت المملكة العربية السعودية فى أكثر من حادث إرهابى منذ منتصف التسعينات وحتى الآن، وكذلك الكويت، واكتشفت الإمارات أكثر من خلية إرهابية ومتطرفة منذ الحادى عشر من سبتمبر 2001 وإلى الآن.

ولا أعتقد أن العالم العربى بوسعه أن يتخلص من الإرهاب ورواسبه فى زمن وجيز وبلا ثمن.

omantoday

GMT 21:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 21:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 21:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 21:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 21:50 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإرهاب في العالم العربي الإرهاب في العالم العربي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab