حاسبوا من صنع «عكاشة»

حاسبوا من صنع «عكاشة»

حاسبوا من صنع «عكاشة»

 عمان اليوم -

حاسبوا من صنع «عكاشة»

عمار علي حسن

ما إن قابل النائب البرلمانى الأستاذ توفيق عكاشة السفير الإسرائيلى بالقاهرة حتى انهالت عليه الضربات من كل مكان، أغلبها كان لفظياً، بسبه وقذفه ونعته بكل أفعل التحقير والتبخيس والتجريس، وآخرها كان مادياً خشناً حين رفع النائب المخضرم الأستاذ كمال أحمد حذاءه وانهال على رأسه ضرباً فى قلب مجلس النواب.

لكن أحداً لم يجب لنا عن السؤال الأهم وهو: كيف وصل «عكاشة» إلى ما انتهى إليه؟ ومن الذى أودى به إلى هذا الدرب الملغوم تحته، المشئوم عليه فى نظر أغلب ناقديه من البرلمانيين وغيرهم؟

لنعد قليلاً إلى الوراء ونتساءل، من صنع توفيق عكاشة، لينتقل من فرد يسعى فى الهوامش الباردة إلى ظاهرة إعلامية وسياسية مثيرة لكثير من الجدل؟ من الذى كان يمده بالمعلومات التى كان يسكبها فى آذان الشعب بغية البرهنة الخائبة على أن ثورة يناير كانت مؤامرة محضة، وليست ثورة تم التآمر عليها كما هى حقيقتها؟ ومن الذى كان يرفد قناته بالأفلام المتوالية التى تخدم وجهة النظر تلك حتى ينفض الشعب عن الرغبة فى التغيير إلى الأفضل، ويرضى من الغنيمة بالإياب، أو يقبل إعادة القديم بكل حمولاته ورذالاته إلى تاريخ جديد، أو حسبما ظن الثائرون والمتفائلون والساعون إلى «مصر جديدة»؟ ومن الذى علمه أن يتحدث دوماً عن «حرب الجيل الرابع»؟ ومن الذى يتبنى هذا التصور فى الدولة واستعمله من أجل تخويف الناس وإجبارهم على الرضا بما هو قائم على بؤسه؟

ومن الذى كان يعطيه هذا الكم الهائل من المعلومات التفصيلية عن كل ما يدبره الإخوان، وكان يتحدث بها جهاراً نهاراً وكانت الوقائع تأتى لتؤكد صدق ما يقول، فظن الناس أن أقواله هى من بنات أفكاره، ونتاج تفرده فى القدرة على التحليل والتنبؤ فانبهروا به واستسلموا له؟

ومن الذى كان يطلب منه أن يحشد الناس عبر قناته أمام وزارة الدفاع غير مرة فجاءه المئات، ورفعوه على الأعناق، وكان يزعم أنهم ملايين، وينطق بهذا؟ لماذا ترك له الحبل على الغارب فى هذا فظن بمرور الوقت أنه زعيم شعبى، وأن المصريين من رفح إلى السلوم ومن دمياط إلى حلايب وشلاتين يقفون خلفه ويتخذون منه زعيماً؟

من الذى سهّل له الطريق إلى البرلمان محمولاً على أعلى الأصوات فى جولة الإعادة، وجعله يظن أو يتوهم أن هذا كفيل بتوليه منصب رئيس مجلس النواب، بل هو الأكفأ والأجدر بأداء هذه المهمة الشاقة؟

فى حوار قبل أسابيع وقت غضبه من السلطة وعليها كشف «عكاشة» نفسه عن «أجهزة أمنية» تقف خلف كل ما كان يقوله ويفعله. وفى حديث عن لقاء السفير الإسرائيلى فى مسقط رأسه بقرية «ميت الكرما» قال إنه قد «أخطر أجهزة أمنية باللقاء».

تم استعمال «عكاشة» على نطاق واسع، وتقلب فى الاستعمال حد التناقض، وكان طيلة الوقت لديه ما يسوقه تبريراً لهذا التخبط والتناقض والتنافر، غير آبه بصورته ولا بمصداقيته ولا ثقة الناس فيه. وظن أنه سيكافأ على كل هذا فى نهاية المطاف، لكنه اكتشف أن دوره قد انتهى، وأن من صنعوه وقدموه نقلوا العطاء على غيره، ولم يعد يعنيهم حرقه وتدميره بعد أن نفخوا فيه فصار ظاهرة.

هل تجرؤ اللجنة الخاصة التى سيعقدها البرلمان على أن توجه إليه كل هذه الأسئلة وتخبر الشعب بما جرى؟ وهل ستسأل الذين يهاجمون عكاشة الآن بضراوة لماذا كانوا يساندونه بالأمس وينعتونه بكل أفعل التبجيل والتفضيل؟ وهل ستحاسب الذين صنعوه عن جرحه صورة مصر فى الخارج حين حول إعلامنا إلى مادة للتندر فى العالم العربى؟ وفوق كل هذا يجب توجيه السؤال: هل كان عكاشة فى لقائه الأخير بالسفير الإسرائيلى يؤدى مهمة اعتاد استعماله فيها وأن هناك ما لا يزال خافياً على الناس فى هذا؟ أم هذا محض تصرف فردى؟

هل يجرؤ البرلمان وغيره على أن يوجه هذه الأسئلة إلى المعنيين بها؟ وهل سيواجه كل «العكاشيين» بمثلها؟ أم سيظل الجميع يدفنون رؤوسهم فى الرمال؟

 

omantoday

GMT 05:25 2016 الثلاثاء ,01 آذار/ مارس

مصير وطن.. و«جزمة عكاشة»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاسبوا من صنع «عكاشة» حاسبوا من صنع «عكاشة»



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab