ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة

ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة

ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة

 عمان اليوم -

ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة

عمار علي حسن

يحتاج جهاز الرئاسة إلى إصلاح يساعده على اتخاذ القرار الرشيد، ومتابعة وفهم الواقع على نحو دقيق، وتوظيف العلم فى التفكير والتخطيط، وضمان تمثيل احتياجات الشعب الحقيقية فى اللحظة الراهنة، وليست تلك التى يتصورها الرئيس منفرداً.

ابتداءً فإن تغيير الهياكل الحكومية والسياسية ليس مطلوباً لذاته، ولكن إذا كانت هذه الهياكل لا تؤدى مهامها على النحو المطلوب من جانب القوى الاجتماعية الأساسية فإن إصلاحها يعد لازماً وضرورياً. ولا شك أن الحاجة إلى إصلاح الهياكل الحكومية فى مصر، بصفة عامة، هى حاجة يحس بها المواطنون والمنخرطون فى العمل السياسى والخبراء على السواء، وهى حاجة أدركتها كل النظم التى تعاقبت على مصر فى القرن العشرين. فقد ظهرت هذه الدعوة فى ظل النظام الملكى، وتصاعدت بعد ثورة يوليو، وقيل وقتها إن الجهاز الحكومى لا يتكيف مع التحولات الاجتماعية والاقتصادية العميقة التى كانت تعرفها البلاد. وتجددت هذه الدعوة بعد الأخذ بسياسات الانفتاح الاقتصادى، وقيل أيضاً إن هذه السياسات لا تحدث آثارها الإيجابية بسبب عدم تكيف الأجهزة الحكومية معها، وبل مقاومتها أو مقاومة بعضها لها فى نظر بعض المعلقين.

ومن بين هذه الأجهزة التى كان الحديث يدور حول إصلاحها جهاز الرئاسة، أو ما اصطلح على تسميته فى السنوات الأخيرة بـ«مؤسسة الرئاسة» حتى لو لم تكن هناك مؤسسة بالمعنى العلمى والمتعارف عليه فى تدبير شئون الأمم فى زماننا. وقد استمر العمل على قمة الدولة المصرية حتى بداية الثمانينات بالتقاليد الموروثة عن عهد الرئيس جمال عبدالناصر، التى تتمثل فى وجود نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية. وقد تولى حسنى مبارك هذا المنصب فى 6 أكتوبر 1981، فانقطع هذا التقليد، وتراجع بمرور الوقت دور الرئيس لحساب الدائرة الضيفة المحيطة به، وكان رئيس ديوان الرئاسة، الدكتور زكريا عزمى، متحكماً فى جزء كبير من صناعة القرار، وكانت مصالحه وارتباطاته وتحيزاته ومزاجه هو الذى يتحكم فيما يعرضه على الرئيس، الذى خلعته ثورة يناير، وما يحجبه عنه.

وقد ثار النقاش وقتها حول ضرورة وجود نائب للرئيس لضمان الخلافة السياسية، خصوصاً فى أوقات الأزمات. إلا أن «مبارك» رفض هذه الحجج على أساس أنه ليس ملزماً بحكم الدستور بتعيين نائب للرئيس، وأنه لا يريد أن يقيد حرية نواب الشعب فى اختيار خلفه، لأن من يختاره يصبح المرشح لتولى منصب رئيس الجمهورية فى حالة عزوف الرئيس عن السعى إلى مدة رئاسة أخرى. وكان يهدف من هذا التمنع إلى تمهيد الطريق لابنه كى يأتى من بعده.

أما فيما يتعلق بالأجهزة المعاونة للرئيس، فبصرف النظر عن أى تغيرات إدارية جرت فى جهاز الرئاسة، الذى أصبح يعرف بديوان رئيس الجمهورية، فإن أهميته فى صنع القرار قلت عن ذى قبل فى ظل حكم الرئيسين أنور السادات وحسنى مبارك؛ فـ«السادات» كان يميل إلى اتخاذ القرارات المهمة بمفرده، أو بالتشاور مع عدد من الأصدقاء والمقربين فى إطار غير رسمى، ومال «مبارك» فى بداية حكمه إلى الاعتماد على أجهزة الدولة مثل رئاسة مجلس الوزراء وأجهزة المعلومات المختلفة والوزارات ودراسات المجالس القومية المتخصصة والمراكز البحثية، لكنه بقى صاحب القرار الأخير، وزاد حجم إسهامه فى صناعة القرار بمرور السنوات، ثم دخل ابنه «جمال» وزوجته «سوزان» على الخط، وصارا يساهمان بقوة فى صناعة القرار وتسيير دفة الأمور، فتراجع دور مؤسسة الرئاسة لحساب شلة الابن ووالدته، حتى قامت الثورة.

وكان من المفروض أن يتم الالتفات إلى ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة بحيث يتحول إلى مؤسسة حقيقية، لكن شيئاً من هذا لم يحدث أيام حكم المجلس العسكرى، ولا جماعة الإخوان، وهذا الوضع لا يزال قائماً إلى الآن، إذ لا نعرف على وجه الدقة من يعاون الرئيس ويساهم فى صناعة القرار قبل اتخاذه، ويحرص على توظيف العلم فى التفكير والتدبير، وينفتح على بقية مؤسسات الدولة ليشاورها، وعلى المجتمع العام ليقيس نبضه، ويفهم مطالبه، وهذه مسألة جد خطيرة، إن لم يتم تداركها فى القريب العاجل.

omantoday

GMT 22:23 2023 الخميس ,14 كانون الأول / ديسمبر

الحرب الإلكترونية

GMT 21:52 2023 الخميس ,07 كانون الأول / ديسمبر

موعدنا الأحد والاثنين والثلاثاء

GMT 20:31 2023 الأربعاء ,06 كانون الأول / ديسمبر

الرئيس الإصلاحي

GMT 22:08 2023 السبت ,02 كانون الأول / ديسمبر

المناظرات الكبرى!

GMT 23:47 2023 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

لا يسكنون الوطن ولكن الوطن يسكنهم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة ضرورة إصلاح جهاز الرئاسة



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab