عولمة التنظيمات الارهابية

عولمة التنظيمات الارهابية

عولمة التنظيمات الارهابية

 عمان اليوم -

عولمة التنظيمات الارهابية

عمار علي حسن

لم تعد التنظيمات الإرهابية ذات سمت محلى، بل تمكنت فى السنوات الأخيرة من أن تصنع لها أبعاداً ذات صبغة خارجية وعالمية، طرحت خلالها نفسها بديلاً للدولة الوطنية، ووظفت أدوات وإمكانات وفرتها العولمة. ويمكن أن نجد بعض هذه الشواهد فى النقاط التالية:

1- تستخدم هذه الجماعات والتنظيمات آخر ما توصلت إليه البشرية فى تقنية المعلومات وصناعة الصورة والتدفق الإخبارى فى تسويق أفكارها التى تخاصم هذا التطور أصلاً، وتنبذه، وتكفّر فى كثير من الأحيان، أو تفسّق، من يقفون خلفه، ويحرصون عليه، ويعملون على دفعه قدماً. وقد شهد خبراء إعلاميون دوليون بعد فحص وتحليل الصور ومقاطع الأفلام التى بثها «داعش» لبعض عمليات القتل غير الرحيم الذى قام بها أو تدريباته وهجماته العسكرية بأنها قد أعدت على أعلى مستوى احترافى، بما يؤشر إلى إلى عدة احتمالات أولها أن تكون أجهزة استخبارات وراء هذا الرسالة الإعلامية البشعة، أو يكون التنظيم قد نجح فى استقطاب خبراء متمكنين فى هذا المجال ليعملوا لديه بأجر، أو يكون بعض هؤلاء قد انضم إلى التنظيم ويستخدمون خبراتهم فى إطار ما يسميه التنظيم بـ«الجهاد فى سبيل الله».

2- تتبنى هذه الجماعات نمطاً من السياسات الخارجية منفصلة عن السياسة الرسمية للدولة التى توجد بها تلك التنظيمات، وتشكل تحدياً لها فى أغلب الأحيان، وتكون موجهة إما إلى دول متعاطفة مع هذه الجماعات أو توظفها فى خدمة أهدافها، أو إلى جماعات شبيهة أو نظيرة فى دول أخرى. وقد يبدو هذا مطروحاً فى ظل ظهور فاعلين جدد على الساحة الدولية، وهى مسألة التفت إليها علم العلاقات الدولية فى العقود الأخيرة، فلم يعد يتعامل مع الدولة بوصفها الطرف الوحيد على الساحة الدولية. لكن المشكلة التى تظهر فى هذا المقام هى أن الجماعات والتنظيمات التى توظف الدين فى تحصيل السلطة السياسية ليس وحدات طبيعية يمكن أن تتفاعل دولياً بشكل سلس وسلمى وإيجابى كما تفعل وحدات أخرى مثل مختلف الاتحادات والروابط العمالية والفلاحية وحركة الهجرة وغيرها، إنما تشكل خطراً على الدول كافة بما فيها تلك التى تعتقد أن بوسعها أن توظف هذه الجماعات فى خدمة أهدافها.

3- باتت لبعض الجماعات والتنظيمات الدينية أموال طائلة تتدفق عبر الحدود من خلال شركات توظف فيها استثمارات ملموسة سواء من خلال الشراكة مع أفراد أو حكومات أو إيداعها لدى بنوك أجنبية أو وضعها فى صناديق خاصة، ويعاد تدوير هذه الأموال من أجل تنميتها، واستعادة أجزاء منها كلما دعت الضرورة إلى توظيفها فى خدمة المشروع السياسى لهذه الجماعات. وقد تعرضت أموال هذه التنظيمات إلى المصادرة فى بعض الدول، مثل مصادرة الولايات المتحدة الأمريكية لأموال حركة حماس، ومصادرة بعض الدول لأموال حزب الله اللبنانى، وجماعة الإخوان. وبعض هذه التنظيمات جنى الكثير من أمواله من خلال عملية تهريب النفط والآثار، وهى مسألة تحتاج إلى أطراف خارجية، من دول أو أفراد، كى تتم عمليات البيع والشراء. وحصلت حركات دينية فى أفغانستان وقت القتال ضد الاتحاد السوفيتى السابق على أموال جراء تهريب المخدرات إلى روسيا وأوروبا الغربية.

4- دخلت بعض الجماعات المتطرفة والإرهابية طرفاً فى التجارة الدولية للسلاح، سواء موّلت هى هذه الصفقات من أموالها الخاصة أو موّلتها دول وأجهزة مخابرات تستعمل هذه الجماعات فى خدمة أهدافها. ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل باتت هذه الجماعات تستعمل طرقاً فى القتال استفادت فيها من حركات يسارية وقوى تحررية سابقة، لكن بغية تحقيق أهداف لا علاقة لها بإقامة العدل الاجتماعى ولا تحرير الأوطان من الاستعمار. والمثل الصارخ لهذا هو تنظيم داعش الذى يعتمد على قوات لا تديرها وتسيطر عليها قيادة مركزية، وتستخدم تكتيكات عسكرية مبتكرة هى هجين بين التكتيكات الإرهابية، وحرب العصابات، والحرب النظامية، حيث يوجد على رأسه مجلس عسكرى مسئول عن وضع الخطط القتالية والآليات وطرق إنجازها، وتعتمد طريقة القتال على دفع خلايا نائمة للسيطرة الداخلية على المدن المراد مهاجمتها من الخارج، حيث تقوم مجموعات بإحكام القبضة على مبانٍ حكومية وثكنات عسكرية ومراكز أمنية ومنشآت حيوية مثل المطارات والمعابر وحقول النفط والسدود والمناطق الصناعية ومخازن الغلال وغيرها. ويمزج تنظيم داعش بين أسلوب حرب المدن ووسائل الجيوش شبه النظامية، معتمداً على تشكيلات قتالية من المشاة والمدفعية والعمليات الخاصة والانتحاريين والمختصين الفنيين والمهندسين، علاوة على الاستخبارات والتدريب ووضع الخطط الخداعية.

omantoday

GMT 14:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 14:28 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... هذه الحقائق

GMT 14:27 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

في أنّنا بحاجة إلى أساطير مؤسِّسة جديدة لبلدان المشرق

GMT 14:26 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 14:25 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

التاريخ والفكر: سوريا بين تزويرين

GMT 14:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنجاز سوريا... بين الضروري والكافي

GMT 14:22 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا: لعبة تدوير الأوهام

GMT 14:21 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

عالية ممدوح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عولمة التنظيمات الارهابية عولمة التنظيمات الارهابية



إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

القاهرة - عمان اليوم

GMT 19:13 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 عمان اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 18:35 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025
 عمان اليوم - مي عز الدين بطلة أمام آسر ياسين في رمضان 2025

GMT 13:56 2024 الثلاثاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab