اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية

اعترافات ومراجعات (58) صفحات مطوية من ذكريات منسية

اعترافات ومراجعات (58) صفحات مطوية من ذكريات منسية

 عمان اليوم -

اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية

بقلم: مصطفي الفقي

يُقلّب المرء- خصوصًا كلما تقدم به العمر- فى ملف ذكرياته، عله يجد فيها صفحات مطوية قد تفيد الأجيال الجديدة فى التعرف على ما يدور وما يمكن التعامل معه، ولعلى أحكى هنا بعض مقتطفات مما سمعته من دبلوماسيين كبار، خصوصًا أولئك المرموقين على الساحة الوطنية، وأروى ما سمعته من الفقيه القانونى والسفير اللامع والقاضى السابق بمحكمة العدل الدولية قبل أن يصبح وزيرًا لخارجية مصر وأمينًا عامًا لجامعة الدول العربية، وأعنى به الدكتور نبيل العربى، الذى كان ضمن وفد المباحثات فى كامب ديفيد، وظن مثل معظم الأعضاء أن الصفقة المعروضة على مصر ليست لصالحها لأن استعادة حيازة سيناء قد لا تعبر عن السيادة الكاملة لمصر فوق أرضها، والتقى وقتها الدكتور العربى مع الرئيس السادات، وقد كان يعرفه عن قرب، وبدأ نبيل العربى يشرح أمام الرئيس الراحل مخاوفه وقلق باقى الأعضاء من نتائج ما هو معروض على مصر، حينذاك رد عليه فلاح المنوفية العظيم أنور السادات قائلًا: (إننى أريد أرضى بالدرجة الأولى، فهى الهدف والغاية، وما عدا ذلك أمور تسهل معالجتها)، ولا عجب.. فهو ابن المحافظة التى يرفع شبابها شعار (فدان عند أمى ولا شريط على كمى)، وأحيانًا يعكسه (المنايفة) كما يشاؤون! وقد قال د. نبيل العربى إنه قد أُعجب ببعد نظر الرئيس ونظرته الاستباقية.

وقد سأله الرئيس السادات هو وأقطاب وفد التفاوض: هل قرأتم الخطاب المُعد من رئيس الوزراء المصرى مصطفى خليل إلى رئيس وزراء إسرائيل مناحم بيجن بشأن القدس؟ فردوا بالإيجاب، فقال: هل رأيتم كلمات مثل «تقريبًا ومعظم وغالبًا» وغيرها من التعبيرات العامة غير المحددة التى لا تستقيم مع اللغة القانونية؟! وقال السادات- ولم يكن أستاذًا فى القانون، ولكنه عميق النظر بالفطرة- إن مثل هذه الكلمات فى إطار اللغة الدبلوماسية قد تؤدى إلى تمييع الحقائق والتعميم المخل فى التفاهم مع الأطراف الأخرى، ويضيف الدكتور العربى أنه كان يدرك هذه الحقيقة تمامًا من خلال عمله القانونى لسنوات طويلة، هذا هو أنور السادات الذى لم يأخذ حقه من بلده وشعبه حتى الآن، فمهما قيل عن سلبياته إلا أن ارتباطه بالأرض وحالة التمترس التى كانت فى أعماقه تجاه أرض بلاده تُحسب له عند ربه وهو فى دار البقاء، فإذا كان عبدالناصر قامة قومية عالية فإن السادات كان رجل دولة من طراز رفيع، وقد روى لى أستاذى معلم الأجيال من الدبلوماسيين أسامة الباز أنه يوم توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل فى واشنطن طلب السادات من الباز أن تكون خطبة الرئيس من صفحات منفصلة، تشمل كل واحدة منها فكرة محددة ذات استقلال نسبى فى الموضوع، ففعل الباز ذلك، وقد كان دبلوماسيًا قديرًا ونموذجًا لا أظن أنه سوف يتكرر، وعندما دخل السادات إلى مقر الاحتفال للتوقيع مع بيجن وكارتر لاحظ وجود عدد من المعارضين لسياساته، والذين يرون أن فيما يفعل تفريطًا فى القضية الفلسطينية فكانوا يهتفون ضده، فلم يُعلق، وعندما قرأ الخطاب أسقط منه صفحة كانت شديدة الحماس فى دعم القضية الفلسطينية وعدم المساس بثوابتها، وعندما سأله الباز بعد الخطاب: يا سيادة الرئيس، لقد سقطت فقرة كبيرة من الخطاب! قال له: اسأل فوزى عبدالحافظ، سكرتير الرئيس، فهو الذى رتب الأوراق.

ثم مضت شهور، وفى جلسة هادئة بين الرئيس السادات والباز فى القناطر الخيرية قال له: هل تذكر يا أسامة ذلك الخطاب عند توقيع اتفاقية السلام، لقد استبعدت شخصيًا الفقرة التى تتحدث عنها لأننى وجدت أن المتظاهرين فى طريقى لا يعلمون الحقيقة ويتصرفون بطريقة حنجورية ولا يدركون ما نهدف إليه فيما نفعل فقضيتنا هى الأرض مقابل السلام وليست السلام مقابل السلام، هذه صفحات مطوية من فكر محمد أنور السادات صاحب القرارين، قرار الحرب وقرار السلام، والذى مضى إلى رحاب ربه فى ظرفٍ مأساوى يتذكره المصريون جيدًا.. رحمه الله.

 

omantoday

GMT 21:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 21:55 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 21:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 21:53 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الهُويَّة الوطنية اللبنانية

GMT 21:52 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

عقيدة ترمب: من التجريب إلى اللامتوقع

GMT 21:51 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

صعوبات تواجه مؤتمر «كوب 29» لمكافحة التغير المناخي

GMT 21:50 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

بين الديمقراطيين والجمهوريين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية اعترافات ومراجعات 58 صفحات مطوية من ذكريات منسية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 18:46 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
 عمان اليوم - فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 22:35 2013 السبت ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

النجم محمد باش يهدي المغربية سكينة بوخريص عقدًا ماسيًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab