أين السياسة

أين السياسة؟

أين السياسة؟

 عمان اليوم -

أين السياسة

عمرو الشوبكي

اتسم عصر مبارك بغياب السياسة وتجريفها، ومازال وضعنا لم يتغير، ضعف فى الأحزاب السياسية وسلطة مركزية تقرر سياستها نيابة عن الجميع مستغلة ضعف المؤسسات الأهلية والحزبية.
والحقيقة أن اكتساح مرشح قادم من خارج الأحزاب السياسية انتخابات الرئاسة دليل على أزمتها، ولكنه لا يعنى بالضرورة عدم أهميتها ودورها المحورى فى بناء أى نظام سياسى مستقر، وقادر على الحياة.
كثيرون يتساءلون عن وجود مناقشة للقرارات الاقتصادية الخاصة برفع الدعم عن الطاقة قبل صدورها، وهل هناك نقاش سياسى واقتصادى دار حولها بين خبراء متخصصين، وهل استمعت الرئاسة للآراء المؤيدة والمعارضة على السواء قبل أن تصدر هذا القرار الحيوى؟
كل المؤشرات تقول إنه لم يحدث، فلم يجر حوار مع الأحزاب الرئيسية، ولا بين خبراء متنوعى المشارب الفكرية والسياسية، إنما قرار رئاسى جاء هذه المرة فى الاتجاه الصحيح، ولكنه افتقر الحد الأدنى من الحوار المجتمعى والسياسى القادر على فرز مؤيدين حقيقيين لجدواه، وقادرين على الدفاع عنه وسط الناس، وأيضاً معارضين جادين يطرحون بدائل أخرى لمواجهة عجز الميزانية، بما يعنى أن وجود الرؤية السياسية يعنى عملياً خلق كتلة مؤيدة من خارج حَمَلة المباخر والطبول، وأخرى معارضة من غير هتيفة الشعارات الحنجورية والنضال الإلكترونى.
ورغم أن قرار الرئيس بمواجهة مشكلة الدعم صائب وشجاع، بعد أن تردد أسلافة لما يقرب من 40 عاماً فى الاقتراب منه، إلا أنه افتقر إلى إدارة سياسية تقنع الشرائح الاجتماعية المختلفة بأن هذا القرار كان البديل الأفضل والأكثر عملية وسط بدائل أخرى طُرحت لحل مشكلة العجز فى الميزانية، فهناك من تحدث عن ضم الصناديق الخاصة للموازنة يما يخفض العجز إلى 66 مليار جنيه، وهناك من أشار إلى خفض النفقات الحكومية والاستغناء عن المصاريف الزائدة والمستشارين بما يوفر حوالى 10 مليارات جنيه، بالإضافة للضرائب التصاعدية، وضمان تنفيذ الحد الأقصى للأجور على قيادات الداخلية والجيش، وليس فقط قيادات البنوك، وإلغاء دعم تنشيط الصادرات وغيرها.
ورغم أن بعض هذه الأفكار «البديلة» غير مقنع إلا أن وجود نظام مؤمن بدور السياسة سيعنى أن الأطراف المؤيدة والمعارضة ستشعر بأنها ساهمت فى صياغة القرار، خاصة أن الرئيس لا ينتمى لحزب سياسى، وليست لديه نية على الأقل فى الوقت الراهن لتأسيس حزب من خلال السلطة يكرر به مأساة أحزاب السلطة السابقة، وهذا يعنى انفتاحه على كل الآراء وحرصه على المصلحة العامة قبل مصلحة حزبه، ومع ذلك فقد غاب تماماً أى حوار سياسى أو اقتصادى حول القرار، وبدأ بالتمهيد بقرار الرئيس بالتخلى عن نصف راتبه وورثه، ثم تلاه قرار رفع الدعم عن الطاقة.
ثقة أغلب المصريين فى السيسى كبيرة، ووطنيته ونزاهته ليست محل نقاش، ولذا لم يكن يحتاج أن يقول لرؤساء الصحف المصرية إنه زاهد فى السلطة، وإنه جاء حباً فى وطنه وليس فى الكرسى، وإنما إلى مناقشة أدواته ووسائله التى وصفتها «الفورن أفيرز» مؤخراً بأنها قديمة ومحدودة، وأنه سيعيش شهر عسل قصيراً فى الحكم.
السياسة هنا ليست ترفاً ولا مكاناً للثرثرة حتى لو كان كثير من السياسيين يتعاملون معها كذلك، لأن الصورة الذهنية عن هؤلاء السياسيين لدى كثير من رجال الدولة أنهم منقسمون وشطار فى الكلام وعاجزون عن الفعل والإنجاز.
وبصرف النظر عن صحة هذه الرؤية من عدمها (مبالغ فيها إلى حد كبير) فإن امتلاك رؤية سياسية يعنى توفير ظهير شعبى منظم سواء كان داعماً أو معارضاً لسياسات الرئيس بصورة تضمن استقرار البلاد، الذى لن يأتى عبر التأييد بالهتاف أو المعارضة بالاحتجاج.

 

 

 

 

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أين السياسة أين السياسة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab