عمرو الشوبكي
بتنصيب عبدالفتاح السيسى رئيسا للجمهورية كسابع رئيس للجمهورية، وثانى رئيس منتخب بشكل ديمقراطى، بدأت مصر مرحلة جديدة مليئة بالتحديات والآمال والأخطار أيضا.
صحيح أن الإطلالة الأولى للرئيس المنتخب كانت موفقة، وشعر أغلب المصريين بأنهم أمام رجل يشبههم ويعبر عنهم وينتمى لوطن ودولة عريقة وليس جماعة مغلقة لم تر فى مصر إلا غنيمة للسيطرة والتمكين.
ومع ذلك ستظل هناك تحديات كثيرة سيواجهها الرئيس المنتخب، فرغم أنه سيبدأ حكمه وهناك غالبية واضحة من الشعب المصرى تدعمه، إلا أن هناك أيضا أقلية تستهدفه ولا نقول تعارضه، إنما لديها هدف واحد هو إفشاله حتى لو كان الثمن إفشال البلد كله.
ويقابل هؤلاء معارضون ديمقراطيون ومنافسون فى الانتخابات، ومطلوب أن يحلوا مكان من يرغبون فى إفشاله وهدم البلد على رؤوس من فيه، فمصر لا تحتاج فقط نظاما جديدا إنما تحتاج إلى معارضة جديدة لا تنشأ بقرار ولا توجه بريموت كنترول، وسنكتشف مع الوقت أنها ستنمو وستهمش تخريب الإخوان، وضجيج مندوبى «الفوضى الخلاقة».
التحدى الكبير أمام الرئيس المنتخب ليس فقط فى قدرته على الإنجاز ولا تحسين الأمن والوضع الاقتصادى، إنما أيضا، وربما أساسا، وجود رؤية سياسية لكيفية التعامل مع المعارضة والقوى الجديدة، لأن وجود منافس قوى سيعنى تلقائيا وجود حكم ونظام قوى.
معضلة الوضع السياسى السابق والأسبق تمثلت فى وجود نظام جثم على صدور الناس 30 عاما، وهندس المجال السياسى من أجل إضعاف المعارضة وتهميشها، فكانت ثورة يناير نتيجة غياب أى فرص للتغيير بصندوق الانتخابات بعد أن زُورت بشكل كامل فى انتخابات 2010، أما النظام السابق فلم ير من الأصل الشعب المصرى، إنما فقط الأهل والجماعة والعشيرة، فكان سقوطه مدويا بعد عام من الفشل والاستعلاء.
الخبرة السابقة تقول إن فكرة المعارضة كانت للتنفيس، وليس لتداول السلطة، ومن الوارد أن يبقى الرئيس الجديد فى الحكم 8 سنوات أو 4، ومعيار نجاحه أن تكون هناك دائما بدائل آمنة لحكمه ونظامه قادرة على الحكم بالوسائل الديمقراطية بعد انتهاء مدته، وأن يشعر المعارضون للنظام الجديد بأن فرصهم فى الوصول للسلطة تتوقف على مدى احترامهم مبادئ الدولة الوطنية والدستور المدنى وقواعد الديمقراطية والمواطنة واحترام حقوق الإنسان، وليس تأييدهم الرئيس ومعارضتهم الشكلية للحكومة، كما كان يحدث فى الماضى.
إن الشعب المصرى يرغب فى وجود رئيس له برنامج واضح وانحيازات محددة، ومعارضة تحمل نفس المواصفات، وتختلف على قضايا جوهرية وترغب حقيقة فى إحداث تداول للسلطة بالطرق السلمية، عن طريق تقديم قيادات قادرة على أن تقدم سياسات بديلة للنظام الجديد ولا تكتفى فقط بالاحتجاج والاعتراض والشجب، وهى غير قادرة على إدارة اتحاد ملاك عمارة وليس حكم بلد.
التضييق على التنوع الموجود داخل المجتمع المصرى بقانون الانتخابات البرلمانية يكرس هيمنة الفصيل الواحد، وتفصيل معارضة «نص نص» لا تعارض إلا فى الشكليات، وهو أمر لن يجلب استقراراً لهذا البلد.
التحدى الحقيقى هو بناء نظام حكم قادر على الإنجاز والتقدم خطوات للأمام، وفى نفس الوقت، ترك الفرص القانونية والسياسية لوجود معارضة ديمقراطية قوية يؤسس فيها النظام الجديد على فكرة أنه كلما التزمت المعارضة بالقواعد الدستورية والقانونية الحاكمة لهذا البلد فإنها ستحصل على مساحات أكبر فى الحركة، وستكون قادرة على التأثير فى المجال السياسى والتغيير، وأن من لم يلتزم بهذه القواعد من عناصر التخريب والتحريض على العنف سيهمش تدريجيا، لأن النظام الجديد لديه ظهير شعبى حقيقى ومعارضة سلمية قوية تقدم رؤى بديلة وتثرى العمليتين السياسية والانتخابية.