عمرو الشوبكي
مقال الخميس «بدون إخوان» الذى نُشر خطأً الجمعة، أثار ردود فعل كثيرة، بعضها إخوانى تلقيته على بريدى الإلكترونى وبعضه الآخر أطلعنى عليه أصدقاء أعزاء.
وتوقفت أمام رسالة «ياسر» التى يتضح من حجم الأكاذيب ولوى الحقائق أنها من عضو تنظيمى عامل فى جماعة الإخوان، وجاء فيها:
(لعل هذه الفقرة من مقال «عمرو الشوبكى» تلخص تفكير أوباش ٣٠ يونيو ونخبتهم فى رد فعل الإخوان على الانقلاب: «رد الفعل الإخوانى على ما جرى فى 3 يوليو نادر واستثنائى لم تعرفه مصر من قبل، لا مع الملك الذى أقصاه الجيش أولاً وليس ثورة الشعب، إلا أنه تقبل الأمر الواقع وظل معارضاً للنظام الجديد لا مخرباً أو متآمراً.
وأقصى الرئيس السادات حين وصل للسلطة من سماهم مراكز القوى من رجالات عبدالناصر، ومع ذلك لم يسعوا لهدم الدولة أو تفكيك الجيش أو خلخلته، رغم أن من بينهم وزير الدفاع ووزير الداخلية، رغم شعورهم اليقينى بأنهم حراس الثورة والمعبرون عن خط قائدها جمال عبدالناصر».
كلهم كانوا يتوقعون رد فعل مختلفا ومتسقا مع ما جرت عليه العادة على مدار التاريخ المصرى. رد الفعل المتعارف عليه هو الكل مع اللى ركب الكرسى. ما حدث هو على العكس تماماً. وهذا هو سبب رائحة الأزمة الزاعقة التى تفوح من المقال. رد فعل الإخوان بعدم التسليم للانقلاب مهما حدث، هو فعلاً ما أربكهم تماماً.
طبعاً باقى المقال ملىء بهرتلات من نوعية الثورة العارمة فى ٣٠ يونيو التى دعمها الجيش فى ٣ يوليو، وكأنه لم يقرأ اعترافات البرادعى. وقصة شماتة الإخوان فى مآسى المصريين مما خلق حاجزاً نفسياً، وكأن من يسميهم «مصريين» لم يفوضوا بالقتل، ولم يفرحوا بالقتل، ولم يحتفلوا بالقتل حتى الآن دى حاجات تعدى عليها وتضحك).
والحقيقة أن هذه الفقرة كاشفة لحجم الغيبوبة والإنكار الذى يعيشه الإخوان لأن مقال «بدون إخوان» لم يعترض على معارضة السلطة الحالية، فقد عارض الوفديون سلطة عبدالناصر، وعارض الناصريون واليساريون سلطة السادات بل انتفضوا ضده فى واحدة من أكبر انتفاضات الشعب المصرى فى 18 و19 يناير، ولكن على خلاف الإخوان لم يكونوا ميليشيات ولا لجاناً إلكترونية تغتال معارضيهم، ولم يشمتوا فى مآسى الشعب المصرى ويتمنوا له الفشل والشر لأنهم معارضون لنظامه السياسى، ولم يفرحوا ويقولوا للإرهابيين تسلم الأيادى عقب استشهاد أى جندى شريف ضحية للإرهاب الذى دعموه.
الفارق بين الإخوان والآخرين ليس فى أنهم عارضوا السلطة، إنما فى حجم الكراهية التى يبثونها كل يوم حتى صاروا أكبر داعم لتيار الاستبداد داخل أى سلطة، ونسوا أو تناسوا أن ممارساتهم أعطت شعبية لخطاب التطبيل والتحريض السلطوى والوطنية التى تغنى ولا تبنى.
اللف والدوران فى رسائل الإخوان، والتحالف الوهمى مع قوى ثورية بعد أن اكتشفوا الفكر الثورى بعد خروجهم من السلطة، وبعد أن ظلوا يرفضونه على مدار 80 عاماً كل ذلك حتى لا يعترفوا بأن هناك ملايين ممن وصفوهم بـ«أوباش 30 يونيو» رفضوا ومازالوا حكم الجماعة، ومستعدين أن يقبلوا السيئ لأنهم اعتبروا أنهم شاهدوا فى عهدهم الأسوأ.
الفارق كبير بين محاولات بعض المنتمين للتيار المدنى أن يتحدثوا عن جمهور الجماعة (من خارج التنظيم) ويعتبروهم جزءاً من الشعب المصرى، ويطالبوا بقبولهم كمعارضين سلميين داخل العملية السياسية والديمقراطية (راجع مقالنا «الرواية الثانية»)، وبين الذين يصفون من ثاروا عليهم بالأوباش والانقلابيين والعملاء والكفار وغيرها من مفردات قاموس الفشل الإخوانى.