ورحل سامح سيف اليزل

ورحل سامح سيف اليزل

ورحل سامح سيف اليزل

 عمان اليوم -

ورحل سامح سيف اليزل

بقلم : عمرو الشوبكي

هو رجل الدولة كما يقول الكتاب وكما تقول سيرته المهنية والسياسية، دمث الخلق حاضر الذهن سريع البديهة، عرفته عن قرب عقب ثورة يناير وعرفته عن بعد قبلها، بداية لقاءاتى بسامح سيف اليزل كانت تقريبا منذ عشر سنوات ومن خلال برنامج العاشرة مساء حين كانت تقدمه الإعلامية منى الشاذلى، وعادة ما كان يقول لنا رئيس تحرير البرنامج: «سعداء بالثنائى المختلف»، أى الراحل المحترم وكاتب هذه السطور لتحليل الأحداث الداخلية والخارجية، وكنت أتحدث من أرضية معارضة واللواء سامح سيف اليزل على أرضية مؤيدة عاقلة، رغم أنه لم ينضم للحزب الوطنى الحاكم.

واستمر الرجل على نفس خطه، فهو رجل دولة وليس رجل ثورة، ومع ذلك لم يعارض ثورة يناير ولم يؤيدها، ولم يدخل فى الحوار المسف عنها، ولم يتخذ موقفا متشددا وحادا طوال معرفتى به إلا من حكم الإخوان المسلمين، وكان من أكثر الداعين لإسقاطهم قبل ضياع مصر وتفككها.

التقيت بالرجل مرات عديدة، وتزاملنا فى ندوات كثيرة، وظهرنا معا فى عشرات اللقاءات التليفزيونية، واتفقنا واختلفنا وظللت أقدره وأوده على المستوى الشخصى وأحترم طريقه تفكيره، والمدهش أن الصدفة لعبت دورا فى تواصلى معه فى محطتين رئيسيتين، الأولى حين قابلته قبل إعلان نتيجة مرسى/ شفيق فى إحدى الفضائيات بجوار متحف أحمد شوقى فى الجيزة، وخرجنا سويا وجلسنا فى «الفريست مول» المجاور لوقت طويل، وأكد لى أن النتيجة ستعلن فى خلال أيام، وأن الفريق أحمد شفيق قد فاز بفارق 800 ألف صوت، وتعمدت أن أتصل به بعد إعلان النتيجة ليقدم لى تفسيرا عما حدث ومازحته قائلا: «ليست هذه معلومات رجل مخابرات»، ولم يكن عنده تفسير لما حدث.

الصدفة الثانية كانت فى مرحلة وسياق آخرين، وكانت فى مكتب د. كمال الجنزورى، فقد قابلته مرتين أثناء خروجى، ومرتين أثناء خروجه، حيث لم يجمعنى به اجتماع واحد فى مكتب رئيس الوزراء الأسبق، حتى إنه كان معه فى إحدى المرات محافظ الإسكندرية الأكثر شعبية اللواء عبدالسلام المحجوب.

كانت «لقاءات الصدفة» هذه أثناء تشكيل قائمة فى حب مصر، بمبادرة من د. الجنزورى، الذى عرض علىَّ أكثر من مرة الانضمام إلى القائمة، واعتذرت له قبل أن يستبعد «أو يبتعد بوصف آخر» من قيادة القائمة، وأذكر أنه قال لى إن سامح سيف اليزل لم تكن له أى علاقة بالتحول الذى حدث فى قيادة القائمة، وفهمت مَن كان وراء استبعاد شخصية مدنية محترمة بوزن رئيس الوزراء الأسبق.

وهناك مصادفة أخرى عائلية، حين قابلته هو وزوجته فى حفل ماجدة الرومى منذ ما يقرب من عامين، ودعانى أنا وزوجتى إلى حفل سحور فى بيته، وأذكر جيدا أنى اتصلت به لأسأله عن اسمين، وأقول له: «هل أى من هذه الأشكال سيكون مدعوا؟»، فضحك وقال بالتأكيد: لا، وفى النهاية لم أستطع تلبية دعوته.

سأتذكر الراحل سامح سيف اليزل حين يشاء حظى العاثر أن أقرأ أو أشاهد تخاريف بعض مَن سُمُّوا «الخبراء الأمنيين»، أو هتافات بعض الضباط المتقاعدين أو كفتة البعض الثالث، فالرجل كان فى مستوى آخر مختلف من الاحترام والمهنية يُذكرك بجنرالات الجيش المصرى الكبار، الذين كان جيلى يتابعهم فى العقود الماضية.

احترم سامح سيف اليزل عقلك، فلم تسمعه مرة يقول لك اهدموا سيناء على أهلها أو اقتلوا 100 ألف مواطن حتى نطهر سيناء من الإرهابيين، وغيرها الكثير من جمل العار التى طفحت فى وجوهنا فى أكثر من مجال.

صحيح أنه كان «رجل دولاتى» «أى مؤمن بالدولة الوطنية» حتى النخاع، وهى ميزة مؤكدة فى ظل عصر انهيار الدولة والفوضى غير الخلاقة، وظل رجل الدولة العميقة الذكى المحترم المعبر عما تبقى من تقاليد هذه الدولة.

رحم الله سامح سيف اليزل رجلا وطنيا مخلصا وصوتا عاقلا ستفتقده مصر مع الصراخ والبذاءة.

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ورحل سامح سيف اليزل ورحل سامح سيف اليزل



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab