حول الثقافة العربية

حول الثقافة العربية

حول الثقافة العربية

 عمان اليوم -

حول الثقافة العربية

بقلم:عمرو الشوبكي

اعتبر بعض المفكرين والباحثين العرب أن الطرح المعاصر لقضية «المستبد العدل» أساسها فى الثقافة العربية، واعتبر البعض الآخر أنها نتاج الثقافة العربية الإسلامية، وأن العرب يفضلون قيمة العدل حتى لو ربطت بالاستبداد أكثر من قيمة الحرية.. فى حين أكد آخرون أن القضية مرتبطة بالسياق السياسى الذى يستدعى قيمًا بعينها فى التاريخ والتراث ويستبعد أخرى.

والحقيقة أن الإرث الثقافى لأى أمة من الأمم لا يشكل بمفرده خياراتها السياسية، إنما هناك سياقات معاشة تعزز من بعض القيم الثقافية، وهناك سياقات أخرى تعزز من قيم أخرى.. فيقينًا العالم العربى فى عصر الاستعمار والاحتلال ومواجهة إسرائيل كان يبحث عن مُخلّص (بضم الميم) أو منقذ حتى لو كان «مستبدًا عادلًا»، فركز على قيم العدالة فى الموروث الحضارى العربى الإسلامى أكثر من قيمة الحرية، لأسباب مرتبطة بطبيعة التحديات التى واجهها فى عصر التحرر الوطنى والأحلام الكبرى.

والحقيقة أن الحديث عن المخلص حتى لو كان «مستبدًا عادلًا» أطلت برأسها مرة أخرى فى أكثر من بلد عربى، خاصة فى البلاد التى تعانى من انقسام ومواجهات أهلية، فهناك فى العراق وليبيا واليمن وحتى السودان (عقب الحرب الأخيرة) من يقول إننا فى حاجة إلى مخلص حتى لو كان مستبدًا، فالمهم أن يكون رجلا قويا وعادلا.

من الواضح أنه فى كثير من البلاد المأزومة، أو التى تعانى من انقسامات أو حروب، تبحث عن مخلِّص أو منقذ بعد أن فقد الناس الثقة فى المؤسسات والنخب الموجودة.. وهو لا يعنى بالضرورة دعم الاستبداد.

مطلوب التمييز بشكل واضح بين المنقذ أو المُخلِّص، وبين المستبد العادل، خاصة بعد أن تغير شكل «المخلِّصين» مؤخرًا فى العالم، وظهر قادة وسياسيون من خارج المشهد السياسى التقليدى وقدموا أنفسهم باعتبارهم مجددين للنظام القائم ومن خارج أطره التقليدية وقواه السائدة، وحملوا فى طيات خطابهم معانى تقول إنهم «منقذون» لبلادهم من مساوئ النظام القائم ومن هيمنة النخب الحاكمة.

معيار نجاح هؤلاء متوقف على عدم إعطاء أنفسهم أى حصانة خاصة تحولهم من خانة المجدد إلى المستبد ولو العادل، والتزامهم بالآليات الديمقراطية وبقواعد دولة القانون، وأن ظهور نخب وحركات سياسية تطرح أفكارا بديلة للمنظومة السائدة أمر حميد ويساهم فى تجديد النظم القائمة.

لا يمكن القول إن الثقافة العربية تكرس الاستبداد، إنما يمكن القول إن هناك سياقات سياسية وثقافية تستدعى قيم الاستبداد الموجودة فى كل الثقافات، والمطلوب هو تحويل صيغة المنقذ والبطل القومى التى كانت تفتح الباب أمام الاستبداد إلى صيغة جديدة يتحول فيها المنقذون إلى مجددين.

فكما كان التاريخ العربى الإسلامى زاخر بآلاف المجددين والمصلحين، فإننا نحتاج حاليًا أن نستدعى من ثقافتنا وتراثنا فكر المصلحين ورسائلهم، وليس فكر أى رموز أخرى.

 

omantoday

GMT 19:41 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

مجالس المستقبل (1)

GMT 19:20 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

البحث عن مقبرة المهندس إيمحوتب

GMT 15:41 2024 الأحد ,14 تموز / يوليو

موسم انتخابى كثيف!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول الثقافة العربية حول الثقافة العربية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab