بقلم:عمرو الشوبكي
استضافت القاهرة مؤتمر دول الجوار يوم الخميس الماضى؛ في محاولة لإيجاد مخرج للصراع في السودان، وقبلها كانت جدة مسرحا لمفاوضات غير مباشرة بين طرفى النزاع؛ أي الجيش والدعم السريع، برعاية سعودية أمريكية، وتستعد نفس المدينة لاستضافة مفاوضات جديدة بين الجانبين في محاولة لتثبيت وقف إطلاق النار وإيجاد حل للصراع في البلاد.
والحقيقة أن هذا النوع من المواجهات المسلحة هناك ما يشبه الاستحالة أن يحسمه أحد طرفى الصراع جذريا لصالحه، حتى لو تقدم الجيش وسيطر على المدن الرئيسية، فلو نجح الجيش في تفكيك قوة الدعم السريع فإنه غير مطروح أن ينهى وجود عناصرها التي تقدر بأكثر من ١٠٠ ألف، وسيعاد مرة أخرى طرح سؤال دمجها في المجتمع والمؤسسات النظامية، وإعادة بناء المؤسسة العسكرية بصورة تسمح بدمج عناصر الوافد الجديد، وهى كلها تحديات كبرى يجب بحثها من الآن، حتى يصبح وقف إطلاق النار طريقا لتسوية سياسية.
ويمكن أن تدعم القوى المدنية المسار السلمى إذا احتفظت بحيادها بين طرفى الصراع، واعتبرت أن أحد شروط الانتقال الديمقراطى هو توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية، والحفاظ على مهنية مؤسسات الدولة وحيادها، ويكون من الوارد تغيير بعض القيادات وليس هدم المؤسسات، وهذا يتطلب عدم النظر إلى الجيش على إنه امتداد للنظام القديم، والخلط بين أفراد يمكن أن يحسبوا على النظام القديم وبين مؤسسة عسكرية يجب الحفاظ عليها وتوحيد فصائلها وضمان حيادها.
إذا نجحت المؤتمرات التي تعقد في المنطقة في وقف إطلاق النار بين طرفى الصراع، فإن هذا يعنى ضرورة التحرك على المستوى الإنسانى والسياسى لإيجاد مخرج للصراع الدموى، والتوافق على مسار سياسى جديد.
مطلوب أن يراجع الجميع أخطاءه ويعمل على تصحيحها، ومطلوب أيضا أن تكون هناك نظرة شاملة لتاريخ السودان المعاصر، فنحن أمام بلد استقل منذ ٦٧ عاما عرف فيها حكما أو دورا مدنيا في الحكم حوالى ١٠ سنوات، والسؤال الذي يجب أن يطرح: لماذا يتعثر نظام الحكم في السودان؟.
الواقع أن هذا حدث أكثر من مرة، سواء في عهد حكومة إسماعيل الأزهرى عقب الاستقلال، أو في رهانات بعض القوى المدنية على أحد طرفى الصراع الحالى من المكون العسكرى، وهو واقع يجب مواجهته بشفافية، وتقديم مخرجات للتعامل معه، لا القفز عليه بشعارات سياسية. على السودانيين وكل الحريصين على مساعدة هذا البلد، أن يبدأوا بطرح سؤال: لماذا فشلنا؟، ولماذا فشل المسار الانتقالى الذي ظل مأزوما على مدار ٤ سنوات؟، ومن يتحمل المسؤولية؟. لا يجب تحميل القوى المدنية بمفردها مسؤولية الفشل، ونفس الأمر ينسحب على الجميع، فالكل مسؤول، وحان وقت المراجعة وتصحيح الأخطاء