بقلم:عمرو الشوبكي
مرّ 500 يوم على اندلاع الحرب الروسية- الأوكرانية، وخلفت عشرات الآلاف من القتلى، ومئات الآلاف من المصابين والأسرى، وملايين المهجرين، خاصة من الأوكرانيين، ولم يُبدِ حتى اللحظة طرفا النزاع أي مرونة تجاه الطرف الآخر، فأوكرانيا تعلن يوميًا أنها ستحرر كل الأراضى التي سيطرت عليها روسيا، بما فيها شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو في 2014، في حين تؤكد روسيا أن الأقاليم الأربعة التي ضمتها مؤخرًا لها هي جزء من أراضيها، وأن هناك حاضنة شعبية تقدر بحوالى نصف عدد السكان من المرتبطين ثقافيًا وعرقيًا بروسيا ومؤيدين لها، ويحارب كثير من أبنائها مع الجيش الروسى، وهو خيار ترفضه بالكامل أوكرانيا ولايزال أيضًا محل رفض أمريكى- أوروبى.
وقد قررت أمريكا هذا الأسبوع تزويد أوكرانيا بقنابل عنقودية وسط رفض ألمانى وتحفظ أوروبى، وهو قرار وصفه الرئيس الأمريكى بالصعب، ومن شأنه أن يمد أمد الحرب وربما تصعيدها، دون قدرة على حسمها.
صحيح أن حصار روسيا يشتد، وأن هناك دولة انضمت لحلف الناتو على حدودها وهى فنلندا، والثانية أي السويد في طريقها لإتمام نفس الخطوة، كما قامت الدول الأوروبية بزيادة إنفاقها العسكرى ليتجاوز 2% من الناتج المحلى، مع اختلاف في تاريخ بلوغ كل دولة هذا الهدف، حيث أعلنت إيطاليا أنها ستصل إليه خلال هذه السنة، أما ألمانيا فيفترض أن تزيد إنفاقها إلى أكثر من 70 مليار يورو في عام 2024، لتصل إلى نسبة 2%، أما فرنسا فتنوى زيادة نفقاتها العسكرية إلى 300 مليار يورو بحلول عام 2025، أما الدنمارك فقالت إنها لن تبلغ هذه النسبة إلا بحلول عام 2033، وإسبانيا بحلول سنة 2029، وبلجيكا عام 2035.
وحسب تقرير لوكالة الدفاع الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبى كان أقل التكتلات العالمية الكبرى في رفع الإنفاق العسكرى، فخلال الفترة بين 1999 و2021 ارتفعت هذه النفقات بنسبة 20%، مقارنة بزيادة بنسبة 66% للإنفاق العسكرى الأمريكى، وزيادة 292% بالنسبة لروسيا، و592% زيادة في النفقات العسكرية الصينية، كما سيضع الناتو هذا العام 300 ألف جندى في بولندا بدلًا من 40 ألفًا.
بالمقابل، فقد ضاعفت مصانع السلاح الروسية من إنتاجها العسكرى، سواء ما يتعلق بالذخيرة أو المعدات، كما أقامت 3 استحكامات دفاعية شديدة القوة والصلابة في الأراضى التي تسيطر عليها، وفشل الهجوم الأوكرانى المضاد حتى اللحظة في اختراق خط الدفاع الأول.
ورغم وجود تحفظات أوروبية على بعض الخطوات الأمريكية إلا أنها باتت عمليًا «متلاصقة» أكثر من أي وقت مضى بالمظلة العسكرية الأمريكية، وتراجعت فكرة استقلال القدرات العسكرية الأوروبية.
مرَّ 500 يوم على أكبر حرب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية وأكثرها دموية، وللأسف لايزال الطرفان بعيدين عن الوصول لنقطة وسط أو حل قريب