من استباحوا النقابة

من استباحوا النقابة

من استباحوا النقابة

 عمان اليوم -

من استباحوا النقابة

بقلم : عمرو الشوبكي

اقتحمت قوات الأمن مقر نقابة الصحفيين واعتقلت اثنين من الصحفيين، هما عمرو بدر ومحمود السقا، المعتصمين داخل النقابة، وسجلت بذلك تطورا خطيرا وغير مسبوق فى تاريخ العلاقة بين السلطة السياسية والنقابات المهنية.

وإذا عدنا للأربعين عاماً الأخيرة، أى منذ أن أعلن الرئيس السادات التعددية الحزبية مروراً بثلاثين عاماً من حكم مبارك، فإن مشهد اقتحام 30 رجل أمن بالزى المدنى مبنى نقابة الصحفيين لاعتقال زميلين لم يضبطا مرة واحدة يحرضان على العنف، ولهما آراء سياسية معارضة، وأن ما يقوله شاب جرىء ومخلص مثل عمرو بدر على موقع «بوابة يناير»، الذى يرأس تحريره، قابل للنقد والاختلاف، لا الاعتقال والقمع مثلما تفعل النظم الفاشلة.

فى عهد مبارك حافظ نظامه على حد أدنى من القواعد فى التعامل مع الخصوم لم ينزل عنه، قبل أن يتجاوزه أحمد عز فى انتخابات 2010 المزورة، فالنقابات المهنية، خاصة الصحفيين، كان مسموحاً لها بما لم يكن مسموحاً به فى الشارع ولا حتى للأحزاب، وحين تخرج نقابة مهنية عن الحدود المتوافق عليها نتيجة سيطرة الإخوان، يقوم النظام بفرض الحراسة عليها مثلما جرى فى نقابتى الأطباء والمهندسين.

لم يحدث على مدار 40 عاماً أن اقتحمت قوات الأمن نقابة مهنية واحدة فى مصر، ولا اعتقلت مطلوباً ولا فضت مؤتمراً ولا ندوة، ومازلت أذكر المؤتمر الذى نظمته نقابه الصحفيين للتضامن مع إبراهيم عيسى عقب صدور حكم ابتدائى بحبسه (استأنف عليه وحصل على البراءة) بتهمه إهانة رئيس الجمهورية حسنى مبارك (وليس الدفاع على مصرية تيران وصنافير كما فعل عمرو بدر وزملاؤه)، وحضر عيسى المؤتمر ولم يعتبرها الأمن فرصة لاقتحام النقابة واعتقاله، ليسجل نقطة عند الرئاسة (على طريقة تمام يا ريس)، وحافظ نظام مبارك «غير الديمقراطى» على حدود لم يتجاوزها.

وحتى الوقفات الاحتجاجية الشهيرة التى جرت طوال عهده على سلالم نقابة الصحفيين، كانت الشرطة وضباطها يفرضون كردوناً على مداخل شارع عبدالخالق ثروت، ويمنعون الناس من الدخول، ولكنهم لم يجرؤوا على منع الصحفيين من دخول نقابتهم، فكانوا يسمحون، مراعاة للشكل العام، لكل من يحمل بطاقة نقابة الصحفيين بالدخول رغم تأكدهم أنه جاء من أجل التظاهر. الوضع الحالى أصبحت فيه مهنة الصحافة جريمة فـ«كارنيه النقابة» أصبح اتهاماً، وكثير من الشباب تم اعتقالهم لأنهم صحفيون فى مشهد لم تعرفه البلاد من قبل.

اعتقال صحفيين من قلب نقابة الصحفيين جريمة قانونية وخطيئة سياسية مكتملة الأركان، فقانون نقابة الصحفيين الذى صدر عام 1970 فى بلد لم يكن وقتها ديمقراطياً (ولم يصبح بعد) وتنص المادة 70 منه على: «لا يجوز تفتيش مقار نقابة الصحفيين ونقابتها الفرعية أو وضع أختام عليها إلا بحضور أحد أعضاء النيابة العامة وبحضور نقيب الصحفيين أو النقابة الفرعية أو من يمثلها». هذا النص الذى احترم ما يقرب من نصف قرن، أى فى نهاية عمر عبدالناصر، وفى عصرى السادات ومبارك، جاءت وزارة الداخلية فى 2016 لتنتهكه انتهاكاً صارخاً وصادماً.

لست متأكداً إذا كانت الدولة ستتراجع عن هذه الجريمة القانونية أم لا، وإن كنت أتمنى التراجع الفورى والاعتذار السريع، وأختتم بما أرسله لى الأستاذ كريم الشناوى نقلاً عن الشاعر أحمد مطر تعليقاً على اقتحام نقابة الصحفيين جاء فيها:

فى البدء كان الكلمة

ويوم كانت أصبحت متهمة

فطوردت

وحوصرت

واعتقلت

وأعدمتها الأنظمة..

فى البدء كان الخاتمة.

رحمة الله عليه.

[email protected]

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من استباحوا النقابة من استباحوا النقابة



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab