بقلم:عمرو الشوبكي
لم تتوقف المظاهرات التي تشهدها الدولة العبرية احتجاجا على تعديل قانون السلطة القضائية، فقد أعلن الأطباء إضرابهم عن العمل، كما أعلن قادة نقابيون أنهم قد يضطرون إلى إعلان إضراب عام في البلاد في حال طبق هذا القانون، خاصة بعد أن فشلت المحاولات التي قام بها رئيس الاتحاد العام للنقابات العمالية (هستدروت) للتوسط بين الحكومة والمعارضة للتوصل إلى توافق.
ورغم كل هذه الاحتجاجات فقد أقر الكنيست في نهاية شهر يوليو بأغلبية 64 صوتا من بين 120 هم كل أعضاء الكنيست، ومن دون وجود أي أصوات معارضة، بسبب انسحابها من جلسة التصويت احتجاجا على القرار الذي دعمه التحالف اليمينى المتطرف الحاكم.
ويمكن القول إن جوهر القانون الجديد الذي عرف بقانون «الحد من المعقولية»، هو واحد من 8 مشاريع قوانين طرحتها الحكومة في إطار ما سمته «إحداث التوازن بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية»، وسيترتب عليه منع المحاكم الإسرائيلية وعلى رأسها المحكمة العليا من تطبيق ما يعرف باسم «معيار المعقولية» على القرارات التي يتخذها المسؤولون المنتخبون، وهذا يعنى الحد من قدرتها على إلغاء قرارات حكومية، كما جرى من قبل مع قرارات لحكومة نتنياهو نفسه.
وقد انتقلت الاحتجاجات من تظاهرات الشارع إلى اعتراضات داخل مؤسسات الدولة، وهو أمر لم تعرفه إسرائيل من قبل وبات يهدد تماسك أجهزتها ومؤسساتها، فقد ظلت الخلافات محصورة بين النخب الحزبية وبين العلمانيين والمتشددين الدينيين ولم تصل إلى القضاء أو الشرطة أو الجيش، بل إن الأخير ظل يمثل مصدر توافق وفخر بين الإسرائيليين، وأن أي انتهاكات يرتكبها جنوده بحق الفلسطينيين ظلت محل حصانة مجتمعية قبل أن تكون قضائية.
وقد أعلن عدد من ضباط جهاز المخابرات (الموساد) عن تقديمهم طلبات بتقاعد مبكر إذا نفذ القانون في أرض الواقع، كما أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن مئات من طيارى وجنود الاحتياط هددوا برفض الخدمة بعد إقرار قانون التغييرات القضائية، كما أعلن ٤٠ طيارا احتياطيا من طيارى النخبة ولأول مرة منذ تأسيس إسرائيل عدم مشاركتهم في التدريبات العسكرية احتجاجا على إصدار القانون، كما حذر رئيس الأركان نتنياهو من تمدد ظاهرة العصيان من قوات الاحتياط إلى الجيش النظامى.
أزمة إسرائيل عميقة وحلها لن يكون سهلا، ففى حال ألغت المحكمة العليا كما هو متوقع القانون، فإن هذا سيفجر حالة رفض عارمة من قبل قوى اليمين المتطرف وستصعد من مواقفها في مواجهه القوى اليسارية والليبرالية، وسيتصاعد دور القوى الأمنية الخاصة التي يقودها وزير الأمن الداخلى بن غفير في الداخل العبرى والخارج (الفلسطينى)، أما في حال تطبيق القانون فإن نتائجه ستكون وخيمة وستهدد إسرائيل وجوديا من الداخل لأن القسم الأكبر من شعبها لن يقبل أن يعيش في ظل هذا القانون.