بقلم:عمرو الشوبكي
تستضيف القاهرة، غدًا الخميس، مؤتمرًا لـ«دول الجوار»، فى محاولة لإيجاد مخرج سلمى وسياسى للأزمة السودانية، وهى جهود قامت بها دول أخرى، أبرزها السعودية والولايات المتحدة، وأسفرت عن أكثر من اتفاق مجهض لوقف إطلاق النار فيما عرف بإعلان أو اتفاقات جدة، كما دخلت منظمة «الإيجاد» على خط المفاوضات بين طرفى الصراع وتعثر مسارها بسبب رفض قادة الجيش السودانى المشاركة فى أى مفاوضات تحت رعايتها، نظرًا لترؤس كينيا دورتها الحالية واعتبرت رئيسها طرفًا غير محايد.
وتأتى المحاولة المصرية بعد سلسلة من الإخفاقات فى فرض هدنة طويلة أو اتفاق ملزم لوقف إطلاق نار بين الجانبين، وهو ما يصعب مهمة الجميع، طالما أن هناك قناعة لدى طرفى النزاع بإمكانية الحسم العسكرى القريب.
وكما سبق وقلنا وقال كثير غيرنا إن هذا النوع من المواجهات المسلحة هناك ما يشبه الاستحالة أن يحسمه أحد طرفى الصراع لصالحه؛ فلو نجح الجيش فى تفكيك قوة الدعم السريع وإخراجها من المدن الكبرى، فإنه غير مطروح أن يبيد عناصرها التى تُقدر بمائة ألف عنصر، وسيعاد مرة أخرى طرح سؤال دمجها فى المجتمع والمؤسسات النظامية، وهنا يمكن أن يكون للقوى المدنية دور كبير فى دعم المسار السلمى إذا احتفظت بحيادها بين طرفى الصراع، واعتبرت أن أحد شروط الانتقال الديمقراطى هو توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية والحفاظ على مهنية مؤسسات الدولة وحيادها.
ولكى تعزز قوى الحرية والتغيير وباقى الفصائل المدنية من حضورها وتأثيرها، فعليها أن تعيد النظر فى بعض خياراتها، وتتمثل أولًا فى عدم النظر إلى الجيش على أنه امتداد للنظام القديم والخلط بين أفراد يمكن أن يحسبوا على النظام القديم، وبين مؤسسة عسكرية يجب الحفاظ عليها وإصلاحها وتوحيد فصائلها وضمان حيادها ومهنيتها.
إذا سيطر الجيش على الشمال والوسط والمدن الكبرى فإن هذا لا يعنى حسمًا عسكريًا للصراع فى السودان، وإذا نجح الدعم السريع فى الاحتفاظ بمعظم مواقعه فى المدن فإن هذا لا يعنى أيضًا حسمًا عسكريًا للصراع؛ ولذا مطلوب أن يعمل الجميع على تثبيت وقف إطلاق النار وإقناع الجميع بأن لا حسم عسكريًا للصراع فى السودان.
إذا نجح مؤتمر الجوار فى القاهرة فى تثبيت وقف إطلاق النار فإن الجميع سيصبح مطالبًا على الفور بإنهاء المرحلة الانتقالية فى أسرع وقت وعدم الانتظار لعامين قادمين كما جاء فى الاتفاق الإطارى.
المعضلة فى السودان أن المسار السياسى ظل مأزومًا على مدار ٤ سنوات، هى عمر المرحلة الانتقالية، نتيجة الخلافات السياسية بين الجميع، المكون المدنى فيما بينه، والمكون العسكرى فيما بينه، والمكونين المدنى والعسكرى فى مواجهة بعضهما البعض، أما الآن فأصبحت الأزمة أكثر تعقيدًا بعد أن سالت دماء وأصبح الحل أكثر صعوبة، ولكنه ليس مستحيلًا.