بقلم - عمرو الشوبكي
ذهبت إلى مدينة الأقصر، الأسبوع الماضى، فى إجازة عائلية استمرت ثلاثة أيام، وهى مدينة سبق أن زرتها مرات عديدة، وأعدت اكتشافها مرة أخرى هذه المرة.
وبمجرد أن تطأ قدماك مدينة الأقصر تسمع ثناء الناس على فترة اللواء سمير فرج، محافظ المدينة الأسبق، ويتذكرونه بالخير، وشهدت بأم العين توقف مشروع إخلاء حرم طريق الكباش بعد مغادرته لمنصبه.
ولا زالت أذكر حديث فرج، حين زرناه فى نهاية 2010، واستمعنا منه لشرح وافٍ وعلمى لمشاريع تطوير المدينة، والتى نفذ جزءا كبيرا منها وتوقف كل شىء بعد أن ترك موقعه.
والحقيقة أن علاقة المدينة بالسياحة والآثار علاقة معقدة، ولم تستطع الدولة أن تحول هذه العلاقة إلى قيم إيجابية تفيد ثقافة أهل البلد وتغير أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
فمن المعروف أن الأقصر هى إحدى مدن «الصعيد الجوانى» ويحمل ناسها قيم وعادات أهل الصعيد الكرام، على عكس جانب كبير من المتعاملين مع السياح والزائرين، فقد اعتادوا على سلوكيات سلبية كثيرة.
خروجنا من الفندق على الأقدام يعنى مقابلة عشرات الأشخاص فى مسافة 200 متر يطلبون منك ركوب تاكسى أو حنطور بإلحاح خانق، وحين تغامر وتسأل عن السعر فيكون الرد هو أسعار خرافية تبدأ من 200 جنيه وتنتهى حين تمشى فى طريقك إلى 100 جنيه.
ذهبنا مشيا على الأقدام إلى مطعم أم هاشم فى قلب المدينة الشعبية بعيدا عن أماكن اصطياد السياح والزائرين، وقررت أن أسأل سائق حنطور عن سعر رحلة العودة إلى مكان الفندق فقال 30 جنيها وقبلنا فورا وسعدنا بسلوكه.
أما الأمر الأخطر والأسوأ فهو ما يجرى فى معابدنا الفرعونية، فقد فتحت الدولة باب التصوير للزوار بشرط دفع تذكرة خاصة فى حدود 300 جنيه، وهنا يصبح السؤال إذا كان الفلاش والتصوير يضران بالآثار، وخاصة أن بعضها ملون، فكيف نعطى الحق لمن يدفع أن يخرب ويهين آثارنا؟، هذا الوضع الموارب جعل بعض العاملين الذين يستقبلوك داخل المعبد يعرضون عليك التصوير: «لو حابب تصور صور» فى مقابل بقشيش أو مبلغ من المال.
صحيح ليسوا جميعا يمارسون هذه السلوكيات، لكن بعضهم يمارسها، وبعضهم يتعامل بطريقة شديدة السوء وتشعر بألا أحد علمهم أو عرفهم معنى أن تكون حارسا لمعبد وأثر عظيم، خاصة أن دورهم أهم من المرشد المتعلم لأنهم موجودون على الأرض.
انطباعات كثير من السياح عن هذه السلوكيات كانت شديد السلبية، والحل الجاهز والمسىء الذى يردده بعض المسؤولين صراحة أو ضمنا أنها سلوكيات شعب ومشكلة شعب، والحقيقة هى مشكلة منظومة «System» سيئة، فإذا كانت الدولة فتحت الباب لتصوير المعابد لمن يدفع بصرف النظر عن حجم الضرر الذى سيصيب الآثار فكيف ستحاسب حارساً مشى حاله من أجل المال؟!.