البابا والإمام 2 2

البابا والإمام (2- 2)

البابا والإمام (2- 2)

 عمان اليوم -

البابا والإمام 2 2

بقلم : عمرو الشوبكي

كلمة الإمام الأكبر شيخ الأزهر والبابا فرنسيس فى مؤتمر الأزهر للسلام كانت من أهم الكلمات التى شهدتها الساحة الدينية فى مصر منذ عقود، فقد أكدت كلمة البابا على القيم الإيمانية والدينية واعترفت بتعدد مظاهرها وصورها، وقال فى هذا السياق جملة عميقة وذات دلالة: «لم تشرق فى مصر شمس الحكمة وحسب، بل شعَّ أيضاً على هذه الأرض نورُ الأديان متعدد الألوان، وهنا شكلت اختلافات الأديان شكلاً من أشكال الغنى المتبادل فى خدمة المجتمع الوطنى الواحد».

كلام الرجل عن الأديان لم يحمل أى نوع من الاستعلاء الغربى على باقى شعوب الله، ولا الاستعلاء الدينى الذى يمارسه بعض المسلمين على أصحاب الديانات الأخرى، وقال: «فى عالم قد عَولَمَ العديدَ من الأدوات التقنية المفيدة، ولكن فى الوقت نفسه عولَم الكثيرَ من اللامبالاة والإهمال، نشعرُ بالحنين إلى الأسئلة الكبرى، التى تبرزها الأديان، ولاسيّما اليوم، فإن الدين ليس بمشكلة، إنما هو جزءٌ من الحل».

أما كلمته أمام الرئيس السيسى فقد دافع فيها عن العدل والحرية وجاء فيها:

«إنَّ التاريخ لا يغفر لأولئك الذين يُبشِّرون بالعدالة ثم بعد ذلك يمارسون الظُّلم، وإنَّ التاريخ لا يغفر لأولئك الذين يتحدَّثون عن العدالة ثم بعد ذلك ينبذون أولئك الذين يختلفون معهم»، وأضاف مخاطبا الرئيس: «أخبرتنى قبل دقائق أنَّ الإله هو إله الحرية، وتلك هى الحقيقة».

ورفض البابا مثل شيخ الأزهر فى كلمته تجارة السلاح والموت، وقدم رسالة محبة وسلام عميقة تتحاور مع الحضارات المختلفة وتؤكد قيم التعايش بين الأديان.

جانب آخر أسفرت عنه زيارة البابا لمصر هو الاتفاق مع البابا تواضروس على توحيد سر المعمودية بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية، وبمقتضاه لم يعد مطلوبا أن يعاد تعميد أى مسيحى مرة أخرى فى الكنيسة الأرثوذكسية طالما تم تعميده فى كنيسته الأولى.

التقارب بين المذاهب المسيحية رسالة مهمة للمذاهب الإسلامية، خاصة فى ظل الاقتتال الشيعى السنى، والذى لايزال الأزهر بعيدا عما سبق أن قاده فى ستينيات القرن الماضى من حوار مثمر بين المذاهب الإسلامية فيما عُرف بسياسة التقريب بين المذاهب.

أما كلمة شيخ الأزهر الإمام الطيب فقد تميزت بالحكمة والوضوح والعمق، وأثرت فى كل من سمعها تأثيرا كبيرا، وأكد الرجل أنه لا يجب أن تدان حضارة أو ديانة بسبب انحرافات قلة قليلة من أبنائها، وهو ما يفعله البعض بكل أسف تجاه الإسلام حين يربطه بالإرهاب، فى حين أن الغرب خرجت منه الفاشية والنازية وحروب قتلت ملايين البشر ومع ذلك لا يجب القول إن حضارة الغرب هى حضارة دمار وقتل.

الملاحظة الأولى على كلمة الإمام الطيب (وعلى الخطاب الأزهرى بشكل عام فى هذا الإطار) هى عدم تقديم أى إشارة فيها نقد ذاتى لبعض الجوانب السلبية فى تاريخنا وحضارتنا وواقعنا الحالى، لأننا نتحمل جانبا من المسؤولية عما يجرى فى العالم من «شرور» ومن غياب للعدالة ومن الظلم، فالنقد الذاتى الحصيف يقوى من موقفنا ويعطينا قوة فى التعامل مع العالم، خاصة الغرب.

أما الملاحظة الثانية فجاءت من كثير من المسيحيين، حيث أبدوا عدم رضاهم عن عدم استقبال الإمام الأكبر للبابا على مدخل مشيخة الأزهر، كما هو متوقع، ولم يفهم الكثيرون سبب ذلك.

علينا فى النهاية أن نشكر من القلب كل المخلصين أصحاب الرسالات الصادقة فى داخل الأزهر وخارجه، فى الدين كما فى السياسة والاقتصاد والأمن، وليس الكذابين والجهلاء والمطبلين، ونعتبر مؤتمر الأزهر للسلام انتصارا كبيرا للنوعية الأولى.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

البابا والإمام 2 2 البابا والإمام 2 2



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab