مسلسل قتل الأقباط

مسلسل قتل الأقباط

مسلسل قتل الأقباط

 عمان اليوم -

مسلسل قتل الأقباط

بقلم : عمرو الشوبكي

سقط 30 شهيداً مسيحياً، بينهم أطفال ونساء، استهدفتهم أيدى الإرهاب الغادرة وهم فى طريقهم إلى أحد الأديرة للتعبد والصلاة بهدوء وسكينة.

هذا ليس الحادث الأول الذى يستهدف المسيحيين فى مصر ولن يكون بكل أسف الأخير، وكل من يضع إرهاب الثمانينيات والتسعينيات فى كفة واحدة مع الإرهاب الحالى يساعد فى استمراره، لأنه يقدم منذ اللحظة الأولى روشتة غير قادرة على مواجهته.

العنف الذى استهدف الأقباط فى العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضى على يد الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد كان عنفا عقائديا ودينيا تعامل معهم كأهل ذمة ليس لهم حقوق المواطنة، وعارض بناء كنائسهم، وأحل أموالهم، ولكنه لم يرسل انتحاريين لتفجيرها ولم يستحل أرواحهم ودماءهم، على خلاف ما يجرى الآن على يد تنظيم داعش الذى تراجع المكون العقائدى فى صياغة الموقف العدائى من المسيحيين (دون أن يختفى بالطبع) لصالح التعامل معهم باعتبارهم جماعة سلطة وأحد أذرع النظام الحاكم السياسية.

والمؤكد أن مسلسل قتل الأقباط بدأ عقب بث شريط داعش منذ 6 أشهر، وأعلن فيه استهداف المسيحيين بشكل واضح، ونشر خطابا تحريضيا على مواقع التواصل الاجتماعى لم يشر فيه لمفاهيم أهل الذمة التى تبنتها الجماعات الجهادية فى سبعينات القرن الماضى، بل تعامل معهم باعتبارهم فئة سياسية باغية قبل أن يكونوا طائفة دينية يجب اضطهادها، ووضعهم فى نفس مرتبة النظم التى يحاربونها ويصفونها بالنظم الطاغوتية أو المرتدة، واعتبرهم جماعة حكم مسؤولة عن المظالم التى يتعرض لها المسلمون، وهو كلام ليس فقط مغلوطا، إنما أيضا يلوى حقائق الواقع ويزوّرها، لأن المسيحيين ليسوا جماعة حكم، كما أنهم ليسوا جميعا مؤيدين للنظام الحالى، حتى لو كان الخوف من استهدافهم من قبل العناصر الإرهابية أحد الأسباب الرئيسية وراء دعم تيار واسع منهم للدولة والحكم.

والواضح أن عملية المنيا الإرهابية هى عملية داعشية بامتياز، فالتخطيط المتقن، والزى العسكرى الذى ارتدته العناصر المنفذة، وأعدادهم الكبيرة نسبيا (10 أفراد)، والوحشية فى الهجوم باستهداف الأطفال والنساء، كلها مظاهر تؤكد (حتى قبل أن يعلن التنظيم مسؤوليته عن الجريمة) أنها من فعل داعش الإرهابى.

يقيناً مواجهة الإرهاب الجديد لن تكون فقط (وربما أساساً) بتجديد الخطاب الدينى ونشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة وإصلاح الأزهر، لأن هؤلاء الإرهابيين فى غالبيتهم الساحقة لم يتفقهوا دينيا ولو فى الاتجاه الخاطئ مثلما فعلت عناصر الجهاد والجماعات الإسلامية فى سبعينيات القرن الماضى. كما أن معظمهم لم يقرأوا كتابا واحدا فى الفقه المتشدد، ولم يحفظوا حتى آيتين من القرآن الكريم، وتم شحنهم بخطاب ثأر وانتقام سياسى فى مواجهة رموز الدولة والمسيحيين باعتبارهم مؤيدين لها، ثم برروا القتل بقشور دينية.

نعم نحتاج لإصلاح التعليم وتجديد الخطاب الدينى لتحديث مصر وتقدمها وليس للانتصار على الإرهاب، فهذا الكلام يحاول أن يلقى مسؤولية الإخفاق السياسى والاقتصادى والأمنى على أطراف أخرى ليست هى المسؤولة الآن عن تصاعد الإرهاب.

معركة مصر مع الإرهاب الجديد ليست بالأساس مع التنظيمات، إنما مع البيئة الحاضنة لهذا الإرهاب، فالأمن والقوة المسلحة قادران على كسر شوكة التنظيمات الإرهابية، مثلما جرى فى مصر مرات عديدة، على عكس البيئة الحاضنة التى تنتعش بالمظالم وانعدام الرؤية السياسية وإهدار دولة القانون والتهميش الاجتماعى والاقتصادى (والمذهبى فى العراق مثلاً)، وللأسف نحن نتجاهل حتى هذه اللحظة كل هذه التحديات، وعلينا ألا نتوقع نجاحاً فى حربنا ضد الإرهاب.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسلسل قتل الأقباط مسلسل قتل الأقباط



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab