يوم التنحي

يوم التنحي

يوم التنحي

 عمان اليوم -

يوم التنحي

بقلم : عمرو الشوبكي

تنحى مبارك عن السلطة يوم 11 فبراير 2011، ونجح المصريون، لأول مرة، منذ تأسيس دولتهم الوطنية الحديثة، فى 1805، أن يسقطوا رأس الدولة أو الحاكم الفرد بإرادة شعبية، فكل تجارب التغيير التى شهدتها على مدار قرنين من الزمان كانت من داخل الدولة، وكان الشعب يؤيد، أو يعارض، أو يضطر لتقبل أى تغيير.

ونجح المصريون، عقب ثورة يناير، فى أن يسقطوا حاكما فردا، أنجز، وأخفق، ولكنه فى النهاية بقى حاكما لمدة 30 عاما، ترهلت فيها مؤسسات الدولة، وجرى تجاهل الشعب، كرقم فى أى معادلة، وزوّرت انتخابات مجلس الشعب بصورة فجة ومهينة فى 2010، ورتب فى الظلام لمشروع التوريث، باعتبار أنه ليس من حق الناس أن تناقشه قبولا أو رفضا، إنما تسلم به وتقبله.

يقينا لحظة استقالة مبارك هى لحظة تاريخية عظيمة فى حياة الشعب المصرى. صحيح أن أبواق التجهيل وإهانة أى فعل يقوم به الناس لتبرير البقاء الأبدى لسلطة الوصاية- جعلت هناك من الشعب من يشتم الشعب، ويعتبر خروج الملايين فى الشوارع مؤامرة، وأن مسألة الكرامة والعدالة ودولة القانون هى أمور لا يستحقها الشعب.

يقينا تنحى مبارك، وعدم هروبه خارج البلاد وعدم إصراره على البقاء فى السلطة، بعد ثورة الشعب ضده، كلها أمور تحسب له، وتستدعى الجوانب المشرفة فى تاريخه العسكرى، باعتباره أحد قادة حرب أكتوبر، وأحد قيادات الجيش الذين حاربوا فى 67 وفى 73، دفاعا عن الوطن، ولذا فإنه لم يكابر مثل زعماء عرب آخرين دمروا بلادهم، من أجل البقاء الأبدى فى السلطة، ولم يعرفوا معنى التنحى الذى عرفه التاريخ المصرى المعاصر مرتين: الأولى مع عبدالناصر الذى أعادته الجماهير. والثانية مع مبارك الذى رفضته الجماهير، وهللت لاستقالته.

والحقيقة أن البعض يعتبر تنحى مبارك بداية الانهيار الذى شهدته مصر، ونقلها من حالة الدولة إلى شبه الدولة، وهو فى الحقيقة غير صحيح، فتنحى مبارك كان هو أفضل ما فى صورة ثورة 25 يناير، أما ما جرى عقب التنحى، فهو يعكس، ليس فقط الجوانب السلبية فى ثورة يناير (غياب القيادة والمشروع السياسى البديل)، إنما أيضا مثالب المجتمع وأزماته ونظام مبارك ودولته.

لا أتخيل كيف يمكن أن يقبل مواطن مصرى سوِىّ، حتى لو كان مؤيدا لمبارك أو عضوا فى الحزب الوطنى الذى ترأسه مبارك، ولكنه ينجح بجهده فى أى انتخابات برلمانية- أن يعتبر لحظة تنحى رئيس بقى فى السلطة 30 عاما، وأراد أن يورثها لابنه ولو بالصمت أو التواطؤ بمثابة كارثة حلت على البلاد.

فالمؤكد أن الكوارث جاءت بعد التنحى، وليس بسبب التنحى، ويتحملها نظام مبارك الذى تربى، وترعرع فى عهده الإخوان المسلمون حتى حصلوا فى انتخابات 2005 على 88 مقعدا، وأيضا ثوار يناير وإدارة المجلس العسكرى.

يقينا مصر تعثرت ثورتها ومسارها الإصلاحى، حين غابت عنها بوصلة الإصلاحات التى طرحها مبارك متأخرا فى اللحظات الأخيرة، من تعديل الدستور وحل البرلمان وتعيين عمر سليمان نائبا للرئيس، أو عند تنحى مبارك يوم 11 فبراير، وعدم استكمال الإصلاحات التى بدأها الرجل متأخرا بالتوافق على «شخصيات جسر»، مثل عمرو موسى وأحمد شفيق وعمر سليمان تعبر بالبلاد خطوات نحو إصلاحات حقيقية، لا أن تعود بها خطوات للخلف.

تنحى مبارك ليس سبب الأزمات، إنما سوء الأداء الذى أعقب هذا التنحى، ويتحمله الجميع (نظام مبارك ودولته، أجندة الإخوان المسلمين السرية، خطاب المراهقة الثورية) هو الذى أوصلنا لوضع تحسر فيه البعض على أيام مبارك.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم التنحي يوم التنحي



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab