العنصر الجديد

العنصر الجديد

العنصر الجديد

 عمان اليوم -

العنصر الجديد

بقلم : عمرو الشوبكي

لايزال النقاش حول مواجهة الإرهاب الجديد فى مصر يدور حول قضايا إصلاح الفكر الدينى، ويبتعد عن مناقشة الدوافع التى تقف وراء كثير من العمليات الإرهابية.. وتحمل رواية تحريض وانتقام سياسى متكاملة الأركان تمثل الخميرة الأولى والأساسية وراء معظم العمليات الإرهابية الأخيرة.

ولعل تجربة بلد مثل العراق ظلت مصدرا رئيسيا للإرهاب طوال السنوات الأخيرة ذات دلالة فى فهم المعانى السياسية وصراع السلطة الذى جرى عقب الغزو الأمريكى وتحويل صراع السلطة الذى شهدته البلاد إلى صراع مذهبى وطائفى فى الشكل وسياسى فى المضمون.

فالعراق العظيم ظل محكوما منذ استقلاله بما سبق وسميته «السنية السياسية» حتى لو كان رموزها ملكيين أو جمهوريين بعثيين، فقد اعتبرته الأحزاب الشيعية التى سيطرت على البلاد عقب الغزو الأمريكى حكما سنيا (وهو غير دقيق، فيمكن وصف نظام صدام حسين بالاستبدادى وليس الطائفى) حتى تبرر مشروعها الطائفى فى حكم البلاد، وفى نفس الوقت، واجه قطاع واسع من السنة وصول الأحزاب الشيعية للسلطة بخطاب طائفى مضاد، وتحول معه الصراع على السلطة السياسية إلى صراع مذهبى بامتياز.

مدهش أن يتحول بلد مثل العراق، عرف أعلى نسب زيجات مختلطة بين السنة والشيعة فى العالم الإسلامى، إلى بلد مورست فيه أبشع حوادث العنف الطائفى فى التاريخ العربى المعاصر، لأن هذا الصراع الطائفى الذى انفجر فى وجوهنا جميعا لم يكن لأسباب دينية أو مذهبية تغوص فى التاريخ وتبحث فى كتب الفقه عما يعمق الانقسام بين المذهبين، إنما ظهر وتعمق بسبب صراع السياسة، وقناعة كل طرف بأنه صاحب الحق فى البقاء الأبدى للسلطة، ولضمان الحصول على شرعية فى هذا الصراع السياسى تم «الالتحاف» بالمفاهيم المذهبية وتزكية صراع السنة والشيعة، اختزل كل ما جرى فى العراق بأن هناك نظاما سنيا سقط وآخر شيعيا جاء محله.

ما هو مقلق فى الحالة المصرية- بعيدا عن شعارات أن مصر ليست سوريا والعراق (وهى صحيحة فى جانب)- أن الدواعش ربطوا حربهم ضد الأقباط بموقف سياسى تحريضى، وهو أمر لم يكن حاضرا فى أدبيات جماعات العنف فى سبعينيات القرن الماضى، فقد اعتبروهم أهل ذمة ومواطنين درجة ثانية، أما حين دخل «العنصر الجديد»، أى الرواية السياسية فى الموقف من الأقباط، اعتبروهم الدواعش ذراع النظام الحاكم وشركاء فى المظالم التى يتعرض لها المسلمون وغيرها من الأكاذيب الفجة والمغلوطة، وانتقلنا بسبب ذلك لمستوى القتل على الهوية السياسية والدينية معا، وشهدنا بيئة سياسية خصبة تحرض كثيرا من الشباب الغاضب ضد الدولة نحو المسيحيين.

ما يكتب على المواقع الداعشية والإخوانية مرعب، وشريط داعش الذى بث منذ 6 أشهر كان تحريضيا بامتياز، وتعامل مع المسيحيين وكأنهم قادة الأجهزة الأمنية (لا يدخلونها من الأساس)، وكالوا لهم التهم من كل جانب وحمّلوهم كل خطأ تقع فيه السلطة وكأنهم فعلا يحكمون.

ليس مطلوبا من المسيحيين أن يعارضوا نظام الحكم حتى يرضى عنهم الدواعش (لأنهم لن يرضوا عنهم فى كل الأحوال)، إنما المطلوب مواجهة سياسية متكاملة لماكينة التحريض التى تستهدفهم وتعتبرهم ذراع السلطة الحالية.

ماكينة التحريض التى تؤدى للقتل على الهوية سياسية ترتدى ثوبا دينيا، فى حين أن الماكينة التى تمنع بناء كنيسة أو تعتدى على مسيحيين وتخرجهم من «ديارهم» هى دينية متعصبة، وهى تختلف عن الإرهاب الذى استهدف الكنائس حتى جريمة المنيا، ويحتاج لعقل سياسى غائب لمواجهته.

المصدر : صحيفة المصري اليوم

omantoday

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

إسرائيل و«حزب الله»... التدمير المتواصل

GMT 10:32 2024 الأربعاء ,03 تموز / يوليو

أقصى اليمين القادم

GMT 19:24 2024 الأحد ,19 أيار / مايو

شعار حماية المدنيين

GMT 10:07 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

الدعم المطلق

GMT 11:09 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

ما بعد الاجتياح

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العنصر الجديد العنصر الجديد



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab