مشكلة السلطة في النظام الإيراني

مشكلة السلطة في النظام الإيراني

مشكلة السلطة في النظام الإيراني

 عمان اليوم -

مشكلة السلطة في النظام الإيراني

بقلم - عمرو الشوبكي

 

وفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي فتحت الباب مرة أخرى أمام مناقشة طبيعة النظام السياسي الإيراني وإمكانات تطويره وإصلاحه وبأي شكل ومسار. والحقيقة أن السمة الأساسية للنظام السياسي الإيراني، ومشكلته أيضاً، تكمنان في تلك الازدواجية الموجودة داخل السلطة التنفيذية بين المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية؛ فالأول هو القائد الفعلي للبلاد وهو أقوى مركز للسلطة في إيران ويرتبط بنظرية ولاية الفقيه التي وضعها قائد الثورة الإيرانية (1979) الإمام الخميني ومرشدها الأول، فهو القائد العام للقوات المسلحة بأفرعها، وله حق إعلان الحرب والسلم، وتعبئة القوات المسلحة وتعيين وعزل 6 أعضاء من علماء الدين في مجلس صيانة الدستور، ورئيس السلطة القضائية والقائد الأعلى لـ«الحرس الثوري»، كما لدى المرشد ممثلون يعيّنهم في كل وزارة أو مؤسسة حكومية مهمة، ويتدخلون في جميع شؤون الدولة. وترتكز السياسة الخارجية الموازية التي يمارسها المرشد على المكاتب الثقافية للسفارات الإيرانية والتي تتبعه مباشرة، وتتولى إيصال الدعم المالي إلى الحركات الإسلامية «الصديقة» حول العالم، متخطية بذلك رئيس الجمهورية ووزير الخارجية. يقيناً صلاحيات المرشد أكبر من صلاحيات رئيس الجمهورية، وهي إشكالية ركز البعض في نقدها على كون المرشد رجل دين، ولكنّ هناك جانباً آخر يتعلق بأنه يمتلك سلطة مطلقة وصلاحيات هائلة أكبر بكثير من صلاحيات الرئيس والبرلمان. والسؤال المطروح: هل يمكن إجراء خفض تدريجي لصلاحيات المرشد، وبخاصة مع وجود مؤشرات تقول إن المرشد القادم أياً كان اسمه، سيفقد جانباً جديداً من البريق والحضور الشعبي الذي يمتع به قائد الثورة الخميني، وإن حضوره خارج المجال الديني أو بعيداً عن أدوات السلطة المطلقة في تراجع؟ يقيناً هناك تركيز على مدار أربعة عقود على الاحتجاجات كطريق «لإسقاط نظام الولي الفقيه»، وذلك منذ الاحتجاجات على خسارة مير حسين موسوي الانتخابات الرئاسية في 2009، وحتى احتجاجات 2022 التي اعترضت على مقتل الفتاة مهسا أميني في أحد مخافر الشرطة بعد أن أوقفتها «شرطة الأخلاق» تحت حجة أنها لا ترتدي الحجاب «بشكل مناسب»، وهاجمت صلاحيات المرشد ودعت لإنهاء حكمه. إن نظرية القطيعة وإسقاط النظام لم تنجح في إيران رغم كثرة الاحتجاجات التي شهدتها، وهي ليست وصفة سحرية حدثت في كل التجارب ومع كل النظم، بما يعني أن نظام ولي الفقيه رغم أبعاده الدينية وسلطويته، فإن تغيير طبيعته ربما ستكون أقرب لطريقة تطور النظام السياسي البريطاني وليس على طريقة الثورة الفرنسية، بما يعني إمكانية تحول الولي الفقيه من حاكم فعلي للنظام القائم، إلى قائد معنوي ورمز روحي، وهو مسار تاريخي بالمعنى الثقافي والسياسي لن يحسم في يوم وليلة، إنما يمكن أن يكون خياراً أكثر ملاءمة للواقع الإيراني والثقافة السياسية في هذا البلد أكثر من مسألة القطيعة الكاملة مع النظام ونسخ نظام غربي. في بريطانيا مثل ملكيات دستورية كثيرة، ينظر إلى السلطة الملكية بوصفها «فوق السلطة» الحاكمة، تتسع فيها صلاحيات الملك في وقت الأزمات والحروب الكبرى، وهو ضامن للنظام القائم من انحراف الحكومة والسلطة التنفيذية. والحقيقة أن الوصول إلى صيغة «الملكية الضامنة» لم يكن بين ليلة وضحاها، إنما كانت نتاج تراكم طويل، فلنا أن نتصور أن بريطانيا عرفت بدايات التراكم في اتجاه بناء دولة القانون والملكية الدستورية عقب صدور «الماغنا كارتا» أو الميثاق الأعظم، في 1216، الذي تحول في عام 1225 إلى قانون ملزم؛ أصلحوا من خلاله نظامهم الملكي ولم يسقطوه، كما حدث في تجارب أخرى. يقيناً لا توجد علاقة بين تاريخ النظام في إيران وتاريخ النظام الملكي في بريطانيا، لكن جوهر الفكرة أن إصلاح معظم النظم السياسية في العالم وحتى تغييرها، لم يتم بقطع الرقاب كما جرى في الثورة الفرنسية (1789) والثورات الشيوعية، أو بإحداث قطيعة «بكبسة زر» بين القديم والجديد، وأن الرهان على مدار 40 عاماً على حدوث ثورة «ضد نظام الثورة» في إيران لم ينجح، وربما سيكون الخيار الذي اقتربت منه إيران من دون أن تدري هو التخلي تدريجياً عن نظام الولي الفقيه.

أرى أنَّ مستقبل النظام السياسي الإيراني وإصلاحه سيكونان باكتفاء المرشد بأن يكون قائداً روحياً يرشد الناس للقيم الدينية وفق الثقافة الشيعية، وأن يكون الرئيس المنتخب في انتخابات تنافسية حرة هو الحاكم الفعلي للبلاد.

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلة السلطة في النظام الإيراني مشكلة السلطة في النظام الإيراني



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab