«حماس» و«حزب الله» وسؤال الحاضنة الشعبية

«حماس» و«حزب الله» وسؤال الحاضنة الشعبية

«حماس» و«حزب الله» وسؤال الحاضنة الشعبية

 عمان اليوم -

«حماس» و«حزب الله» وسؤال الحاضنة الشعبية

بقلم:عمرو الشوبكي

لكلٍّ من «حماس» و«حزب الله» حاضنة شعبية كبيرة في فلسطين ولبنان، صحيح أيضاً أن هناك من يتعاطف معهما ويدعمهما من خارج البلدين، ولكن السؤال: هل البيئة الحاضنة للتنظيمَين كليهما تأثرت بالعدوان الإسرائيلي، وبالثمن الباهظ الذي دفعه المدنيون قتلاً ونزوحاً في غزة وفي الجنوب اللبناني والضاحية؟

يقيناً، وبعيداً عن أي مبالغات إعلامية ودعائية، فإن هناك «تراجعاً ما» في الدعم الذي قدّمه الشعبان لكل من «حماس» و«حزب الله»، حتى لو اختلفت طبيعة البيئة الحاضنة المحيطة بهما في فلسطين عن لبنان.

والحقيقة أن الفارق الأساسي بين البيئة الداعمة لحركة «حماس» في فلسطين مقارنةً بالبيئة الداعمة لـ«حزب الله» نفسها في لبنان، أن الأولى لا ترفض مبدأ المقاومة المسلحة لمحتل مباشر لأرضها، وقد تختلف حول توقيت عملياتها ومدى نجاعتها، وهل امتلكت غطاءً سياسياً قادراً على أن يحقّق مكاسب لصالح القضية الفلسطينية، أما الثانية فإن مشكلاتها تتعلق بأن البيئة الداعمة للحزب موجودة في بيئة أوسع اسمها «الشعب اللبناني»، الذي لا يرى في غالبيته أنه مطالَب بالدخول في «حرب إسناد» لصالح القضية الفلسطينية، يدفع ثمنها لبنان كله، وخصوصاً البيئة الداعمة لـ«حزب الله».

في لبنان مثل باقي الدول العربية، ومعظم دول العالم، هناك تعاطف مع القضية الفلسطينية، واستعداد لتقديم كل صور الدعم القانوني والإعلامي والمادي لصالح الشعب الفلسطيني، من دون أن يؤيد هؤلاء المتضامنون بالضرورة الدخولَ في حرب مع إسرائيل.

ومع ذلك اختار «حزب الله» أداة المواجهة المسلحة مع إسرائيل بوصفها وسيلةً وحيدة للدفاع عن قضية نبيلة وعادلة، ودفع أثماناً كبيرة من قادته وعناصره وبيئته الحاضنة، وأشاد كثيرون بصموده وعملياته المسلحة داخل إسرائيل، كعملية بنيامينا في جنوب حيفا وغيرها.

كل ذلك لا يلغي حدوث تحوّل عالمي وعربي تبلوَر عقب حرب 1973، التي مثّلت آخر صور التضامن العسكري العربي بإرسال وحدات من مختلف الجيوش العربية للقتال في الجبهة المصرية والسورية في مواجهة إسرائيل، وأيضاً الاقتصادي باستخدام سلاح النفط في وجه الدول الغربية الداعمة لإسرائيل.

وإذا كان البعض يرى أن «كامب ديفيد» هي المسؤولة عن تكريس الحلول المنفردة في التعامل مع الصراع العربي - الإسرائيلي، وأعطت رسالة لباقي الدول العربية أن القضية الفلسطينية باتت بالأساس تخصّ شعبها، إلا أن هناك تحوّلات جرت في بنية المجتمعات العربية والعالمية جعلت كل شعب يحارب من أجل حريته واستقلاله، أو دفاعاً عن أرضه وسيادته، وفي الوقت ذاته تتضامن معه الشعوب «الشقيقة» أو الحليفة لتحقيق أهدافه.

وسيبدو لافتاً مشهد التضامن الأميركي والغربي مع أوكرانيا، وإرسالهم دفعات كبيرة من المال والسلاح لها، إلا أنهم تعاملوا بقواعد عالم ما بعد الحرب الباردة، ولم يرسلوا جنوداً للحرب تحت يافطة «التضامن الأيديولوجي»، أو مقاومة «الاحتلال الروسي».

ومن هنا بات من الصعب قبول أن يكون لبنان استثناءً من هذه الحالة العامة عربياً ودولياً، ومن غير المعقول أن تكون هناك دولة مثل الأردن شعبها متضامن حتى النخاع مع القضية الفلسطينية، ومع ذلك لا تَعدّ الدخول في حرب مع دولة الاحتلال أحد خياراتها، وكذلك بلد بحجم مصر، لديها جيش قوي، وليس مطروحاً رسمياً وشعبياً الدخول في مواجهة مسلحة مع إسرائيل من أجل دعم المقاومة الفلسطينية، وأن الانتقاد الذي وجهته تيارات سياسية وشعبية للأداء الرسمي كان يتركز فيما عُدّ تقصيراً في درجة الدعم المدني والقانوني للشعب الفلسطيني، وليس لأنها لم تحارب.

ولذا يبدو لافتاً أن يقرّر تنظيم مثل «حزب الله» موجود في بلد ثانٍ، وبشكل منفرد عن باقي المكونات اللبنانية، تحويل التضامن المشروع مع الشعب الفلسطيني إلى حرب لا يريدها الناس، بما فيهم قطاع كبير من بيئته الحاضنة.

تداعيات العدوان الإسرائيلي المدمّر على لبنان ستُفقد «حزب الله» جانباً من بيئته الحاضنة، وستجعل هناك ضرورة لمراجعة الصيغة التي تبنّاها، وجعلت المقاومة المسلحة النمط الوحيد لدعم القضية الفلسطينية؛ لأن أزمته مع بيئته الحاضنة ومع مجتمعه اللبناني تتعلق بمبدأ المقاومة المسلحة من «بلد ثانٍ»، وهو يختلف عن «حماس» التي حتى لو فقدت جانباً من بيئتها الحاضنة بعد المآسي التي تعرّض لها الفلسطينيون في غزة، إلا أنه بمنطق حروب التحرير الوطنية فإن الشعوب ستحارب من أجل قضيتها، وبجانبها حلفاء وداعمون، وإنه لن يكون مقبولاً مطالبة التنظيمات الفلسطينية المسلحة من «حماس» إلى «الجهاد»، ومن «فتح» إلى «الجبهة الشعبية»، أن تحلّ نفسها ما دام بقي هناك احتلال، إنما ستطالب بمراجعة التكتيكات والوسائل، والعلاقة بين السياسي والعسكري، والعزلة عن العالم، بل وحتى تجميد نشاطها المسلح الذي سيعود في المستقبل المنظور ولو باسم جديد ما دام بقي الاحتلال.

omantoday

GMT 17:25 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قرن البولندي العظيم (حلقة 2): اكتئاب ومشاكل

GMT 17:24 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة هوكستين... وعودة الدولة

GMT 17:23 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

عيد عُمان... ومعنى الأعياد الوطنية

GMT 17:21 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران ولبنان... في انتظار لحظة الحقيقة!

GMT 17:20 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

العدالة مُغَيّبة والتدوير باقِ!

GMT 17:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السّمات الدولية لسياسة ترمب

GMT 17:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

قمة الرياض: أمن الإقليم مرتكزه حل الدولتين

GMT 17:14 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان أمام المجهول

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حماس» و«حزب الله» وسؤال الحاضنة الشعبية «حماس» و«حزب الله» وسؤال الحاضنة الشعبية



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ عمان اليوم

GMT 16:46 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29
 عمان اليوم - غوتيريش يدعو مجموعة العشرين لبذل جهود قيادية لإنجاح كوب 29

GMT 20:07 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

علاج جيني مُبتكر يعيد السمع والرؤية لمرضى متلازمة آشر 1F

GMT 22:59 2019 الأحد ,15 أيلول / سبتمبر

اهتمامات الصحف الليبية الأحد

GMT 12:27 2019 الخميس ,05 أيلول / سبتمبر

السعودية تستضيف نزال الملاكمة الأهم هذا العام

GMT 09:41 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تعيش أجواء مهمة وسعيدة في حياتك المهنية

GMT 16:04 2019 الخميس ,01 آب / أغسطس

تمتع بالهدوء وقوة التحمل لتخطي المصاعب

GMT 10:16 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

حاذر ارتكاب الأخطاء والوقوع ضحيّة بعض المغرضين

GMT 23:59 2020 الأحد ,06 كانون الأول / ديسمبر

احذر التدخل في شؤون الآخرين
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

omantoday Omantoday Omantoday Omantoday
omantoday omantoday omantoday
omantoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
oman, Arab, Arab