بقلم - عمرو الشوبكي
قادت منظمة التحرير الفلسطينية النضال الفلسطينى منذ تأسيسها عام ١٩٦٤ وحتى التوقيع على اتفاق أوسلو فى ١٩٩٣، صحيح أنها استمرت بعدها ولا تزال مستمرة حتى الآن، إلا أن طبيعتها تغيرت بعد أن أسست سلطة جديدة أدارت جانبًا من الأراضى الفلسطينية كخطوة نحو تأسيس دولة فلسطينية مستقلة، سرعان ما أجهضها الاحتلال الإسرائيلى.
وبات من المهم التأكيد على أن الشعب الفلسطينى يحتاج، بعدما جرى فى السنوات الأخيرة وحتى العدوان الإسرائيلى الغاشم على غزة، عودة المنظمة لكى تتصدر الكفاح الفلسطينى مرة أخرى بعد تجديدها وضم قيادات وكفاءات جديدة من خارج بيروقراطية السلطة لمواجهة التحديات الوجودية التى تشهدها القضية الفلسطينية حاليًا.
لقد ضمت منظمة التحرير فصائل الكفاح المسلح جنبًا إلى جنب مع كوادر العمل السياسى، وضمت قيادات رفيعة المستوى مثل فاروق القدومى، رئيس الدائرة السياسية الأسبق للمنظمة، وغيره، كما ضمت مفاوضين كبارًا، منهم مَن تفاوضوا سرًّا مع إسرائيل، مثل أحمد قريع، ومنهم مَن تفاوضوا علنًا، مثل حيدر عبدالشافى، ولم يحملوا جميعًا لقب وزير، ولم تكن هناك وقتها وزارة أو رئيس للسلطة، إنما كفاءات مؤثرة امتلكت حضورًا كبيرًا على المستويين العربى والدولى.
وقد غيّرت المنظمة من برنامجها مع تغير الظروف السياسية، وقبلت فى ١٩٧٤ بإنشاء دولة ديمقراطية «مؤقتة» على الأراضى الفلسطينية التى احتُلت عقب حرب ٦٧، وفى عام ١٩٨٨ تبنّت حل الدولتين، واعترف ياسر عرفات فى ١٩٩٣ رسميًّا بإسرائيل، وفى نفس الوقت اعترف إسحاق رابين بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًّا وحيدًا للشعب الفلسطينى، ودخل الجانبان فى مفاوضات أدت إلى اتفاق أوسلو، الذى كان يُفترض أن يُفضى إلى دولة فلسطينية مستقلة أجهضتها إسرائيل بسياستها الاستيطانية وبجرائمها، التى ارتكبتها فى حق الجميع فى الضفة الغربية وقطاع غزة.
يقينًا أن التحول الذى أحدثته المنظمة فى خطابها وبرنامجها منذ نصف القرن كان مطلوبًا لأنه كان يُفترض أن يؤدى بعد ٥ سنوات من التوقيع على اتفاق أوسلو إلى قيام دولة فلسطينية، فكانت السلطة وحكومتها ورئيسها تلبية لتحدى بناء الدولة.
صحيح أن هناك فصائل أخرى مثل الجبهة الشعبية وحماس اعتبرت اتفاق أوسلو تنازلًا، رغم أن الأخيرة استفادت منه، وضاعفت قوتها التنظيمية فى الأراضى الفلسطينية حتى حققت أغلبية فى انتخابات ٢٠٠٦، التى لولا أوسلو التى هاجمتها لما حققت هذه النتائج.
مطلوب بعد جرائم الإبادة الجماعية التى يرتكبها جيش الاحتلال فى قطاع غزة، وبعد أن احتل أكثر من ٧٥٠ ألف مستوطن أراضى الضفة الغربية، وكان عددهم حوالى مائة ألف عشية التوقيع على اتفاق أوسلو، أن تعمل السلطة الفلسطينية وقادة فصائل المقاومة على استعادة دور منظمة التحرير مرة أخرى لقيادة النضال الفلسطينى فى هذه المرحلة الفاصلة، التى يتعرض فيها الشعب الفلسطينى لجرائم الإبادة والقتل والتهجير.