بقلم:عمرو الشوبكي
قررت الحكومة المصرية الترويج لمشروع سمته «القاهرة الكبرى الثقافية»، الذى يهدف لجعل العاصمة مزارا «أكثر جاذبية» للسياح؛ مستهدفة زيادة أعدادهم إلى 30 مليون سائح بحلول 2028 من خلال زيادة عدد مقاعد الطيران القادمة لمصر، وتحسين التجربة السياحية ورفع جودة الخدمات المقدمة، وتحسين مناخ الاستثمار لزيادة الطاقة الفندقية.
ويضم منتج القاهرة الكبرى الثقافى 3 تجارب: الأولى زيارة القاهرة الفرعونية وتشمل زيارة لمنطقة أهرامات الجيزة، والمتحف المصرى الكبير بعد افتتاحه، والمتحف القومى للحضارة المصرية بالفسطاط، والتجربة الثانية زيارة المتاحف والقصور، مثل المتحف المصرى بالتحرير ومتحف الفن الإسلامى بباب الخلق والمتحف القبطى بمصر القديمة ومتحف المركبات الملكية ببولاق، والتجربة الثالثة زيارة منطقة القاهرة التاريخية وتضم سور مجرى العيون، ومنطقة مصر القديمة، وقلعة صلاح الدين الأيوبى. ومسار شارع المعز لدين الله الفاطمى، وباب الفتوح مرورًا بمسجد الحسين حتى باب زويلة، ومسار شارع باب الوزير.
وبعيدا عن الطموح المشروع للحكومة المصرية فى العمل على جعل القاهرة «أكثر جاذبية للسياح»، فإن كثيرا من هذه المناطق تعرض للتشويه فى الفترة الأخيرة، والمطلوب قبل وضع أى عنوان ضخم وبراق لأى خطة أو مشروع أن تنطلق الدولة من كون القاهرة كنزا حقيقيا يجب الحفاظ عليه وتطويره، والحرص على الهوية البصرية للمدينة التـى تمثل عنصر جذب تلقائى للسياح من كل مكان.
مفهوم التنمية السياحية فى مصر يجب أن يقوم- مثل كل الدول التى تمتلك تاريخا عريقا- على الاهتمام بالقديم وتجديده، لأن السياحة لن تأتى لرؤية مبان حديثة ضخمة لن تنافس بها نيويورك أو دبى، إنما يمكن بإحياء القاهرة التاريخية القديمة أن ننافس سياحيا كل دول العالم.
كثير من هذه المناطق التى حددتها الحكومة لجعل القاهرة أكثر جاذبية هى مناطق بح صوت كثير من علماء الآثار وخبراء العمران الأكفاء المهنيين على ضرورة عدم تشويها أو هدم أى جزء منها.
إن «القاهرة الأكثر جاذبية» للسياح هى المدينة التى احتفظ الناس بهويتها البصرية فى أذهانهم منذ قرون، وأصبحت جزءا مما يعرف «بذاكرة المدن» التى ينجذب لها الناس ويكررون زيارتهم لها، فعلينا ألا نندهش أن ممشى نهر السين فى باريس لم يتغير شكله منذ قرون ولم يتم تلويثه بمقاه آو أغانى مهرجانات، وبقيت أكشاك الكتب القديمة كما هى على ضفتيه، وهو ما مثل فى ذاته عنصر جذب للسياح وجعل فرنسا المقصد السياحى الأول فى العالم.