بقلم:عمرو الشوبكي
النقاش حول موضوع الدولة الواحدة أم الدولتين نقاش متسع ومتشعب، وتعليقات كثير من القراء، التى أيدت حل الدولة الواحدة التى يعيش عليها اليهود والمسلمين والمسيحيين، تعنى عمليًا تفكيك الأساس الدستورى الذى تقوم عليه إسرائيل باعتبارها دولة يهودية، وهو فى الوقت الحالى خيار شبه مستحيل، كما أن حل الدولتين أصبح يواجه صعوبات كثيرة نتيجة سياسة الاستيطان الإسرائيلية التى قضت عليه عمليًا. وقد تلقيت رسالة من الأستاذ معتز تفاحة، وهو فلسطينى أردنى مغترب فى أوروبا، أيد فيها حل الدولة الواحدة سأنشرها على حلقتين لطولها النسبى وجاء فيها:
عزيزى د. عمرو الشوبكى،
تحية طيبة. بسعادة بالغة قرأت مقالك المنشور فى المصرى اليوم الأسبوع الماضى، والذى فتحت فيه بالشجاعة التى عهدناها فيك موضوع حل الدولة الواحدة. ودعوت إلى (على الأقل) التلويح بهذه الورقة للضغط على إسرائيل والقوى الغربية الداعمة لها. ثم قرأت ما نشرته من آراء القراء حول تلك المسألة من مؤيد ومعارض. ولقد شجعنى هذا أن أبعث لك بوجهة نظرى علها تفيد هذا النقاش.
أنا شخصيًا أؤيد بقوة حل الدولة الواحدة العلمانية للجميع. ولا أريد هنا أن أعيد ما قيل من قبل فى هذا الصدد، لكنى فقط أريد أن أطرح حجة أخرى لتأييد حل الدولة الواحدة، لأن حل الدولتين عواقبه أكثر خطورة كما سأوضح. بعد أحداث 7 أكتوبر الماضى كثر الحديث عن حل الدولتين كوسيلة وحيدة لإنهاء هذا الصراع الطويل بين الفلسطينيين والإسرائيليين على حدود 4 حزيران 1967 دون تفاصيل. ثم صرح أكثر من رئيس بأن الدولة المطلوبة ستكون منزوعة السلاح مع أن هذا ليس من قرارات الأمم المتحدة. وهذا جعلنى أفكر كثيرًا فى شكل الدولة التى يريدونها للشعب الفلسطينى المقهور! لا شك أن الدعم الغربى (والأمريكى على وجه الخصوص) الكبير والسخى لدولة الاحتلال، قد حوّلها إلى واحدة من أقوى الدول ليس فى المنطقة فحسب إنما أيضا على مستوى العالم أجمع. صحيح أن الصفعة التى تلقتها إسرائيل فى السابع من أكتوبر كانت قوية ومذلة، ولكن الغرب لن يرضى أبدًا أن تهتز صورة إسرائيل فى العالم. وهذا يفسر الدعم الغربى اللامحدود لإسرائيل فى جرائمها الوحشية على شعب غزة الأعزل كطريقة لاسترداد هيبتها فى المنطقة وتلقين الآخرين درسًا لا ينسونه أبدًا.
إذن، تخيل معى ماذا سيحدث إذا تم تنفيذ حل الدولتين. فلنفرض أنهم استطاعوا أن يجدوا حلولاً لكل المسائل العالقة مثل: «القدس، المستوطنات، الطريق الرابط بين الضفة الغربية وغزة، عودة اللاجئين»، وغيرها من المشاكل الأخرى الكثيرة والمعقدة. لا شك أن إسرائيل والغرب من ورائها لن يرضى بأقل من تفوق جيوسياسى بارز فى كل المنطقة، وهو سيعنى أن هذه الدولة ستكون غير قابلة للحياة. ويبقى هذا حديث آخر.