بقلم:عمرو الشوبكي
رسالة الأستاذ معتز تفاحة، المواطن الأردنى الفلسطينى المغترب في أوروبا، كما عرَّف نفسه، تضمنت جانبًا آخر يتعلق بقضية الدولة المدنية الواحدة على أرض فلسطين التاريخية، وجاء فيها:
أتذكر مقولة في غاية الأهمية والواقعية قالها البروفيسور «جون ميرشايمر» في محاضراته العديدة حول مسألة أوكرانيا، إذ يقول: «إن الدول العظمى حساسة جدًا تجاه أمنها القومى». والمعروف سياسيًا وتاريخيًا أن الدول الضعيفة المجاورة لقوى كبرى لا يمكن أن تضمن بطش الأخيرة إلا بواحدة من ثلاثة أمور:
1- أن تكون خاضعة تمامًا لها وتدور في فلكها.
2- أن تكون لها موانع جغرافية (مثل جبال أو أنهار أو بحار)، تفصلها عن الدولة الأقوى (مثل جبال الألب في سويسرا، الأنديز في الأرجنتين).
3- أن تتوسط الدولة الأضعف بين قوتين كبيرتين فتضمن البقاء.
وإلى جانب ذلك بجب أن يكون لهذه الدولة الضعيفة اقتصاد قوى إلى حد ما حتى تستطيع أن تستقل بقرارها. والواقع أن إسرائيل الآن من الدول القوية كما ذكرت سابقًا، بفضل الدعم الغربى اللامتناهى (والذى سيتواصل إلى أن تتفاجأ دول الغرب بأن هذه القوة التي زرعوها في عالمنا لتحقيق مصالحهم أصبحت وحشًا ضاريًا يهدد مصالحهم ولا يستطيعون السيطرة عليه، وأظن أن هذا اليوم ليس بعيدًا). كما أن الكل يعرف أنها تملك أسلحة نووية مع أنهم لا يعترفون بهذا رسميًا، وهى واحدة من أقوى دول العالم تكنولوجيًا، وشركاتها في هذه المجالات كثيرة وكبيرة. أضف إلى هذا اقتصادها الضخم والقوى.
وبما أن الدولة المراد تكوينها في الضفة وغزة، ويفترض أن تكون عاصمتها القدس الشرقية، لا يتوفر فيها أي مانع جغرافى، وبما أن دول الطوق المحيطة بفلسطين ليست في قوة إسرائيل (باستثناء مصر)، وبما أن الدولة التي يريدونها لا تملك من الموارد ما يكفل لها اقتصادًا مستدامًا خاصة مع الكثافة السكانية العالية (لنقل إن بناء مثل هذا الاقتصاد يحتاج إلى عقود قد تكون طويلة)، فلن يكون لهذه الدولة الوليدة إلا أن تكون خاضعة مطيعة لجارتها الأقوى، أي إسرائيل التي ستستخدم نفوذها وقدراتها لخلق طبقة عليا من المجتمع الفلسطينى تستأثر بالثروات مقابل أن تحمى المصالح الإسرائيلية في فلسطين، ونعود لوضع أكثر ظلمًا وإجحافًا من الاحتلال القائم الآن.
في الخلاصة، كلا الحلين صعب التحقق على أرض الواقع، ولكن على الأقل حل الدولة الواحدة سيضمن الرخاء والسلام لسنوات طويلة لهذا الشعب الفلسطينى العظيم، الذي كُتب عليه فرض الخيارات منذ زمن طويل.
ملحوظة: البعض يتكلم عن ثلاث دول، وهذا الحل ينطبق عليه ما قلته عن حل الدولتين لكن بشكل أسوأ. آسف جدًا على الإطالة، مع أطيب الأمنيات.