بقلم:عمرو الشوبكي
رغم الضغوط الدولية والأمريكية على إسرائيل لمنع قيامها باجتياح رفح، ورغم موافقة حماس على اتفاق وقف إطلاق النار وعملية تبادل الأسرى الذى رفضته إسرائيل، فإنها قامت بهجوم على شرق رفح سيطرت فيه على الجانب الفلسطينى من المعبر وقتلت مئات المدنيين الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، وباتت تستعد لاستكمال الهجوم من أجل هدف «متخيل» وضعته لنفسها منذ اندلاع الحرب، وهو «تحرير الرهائن» و«اجتثاث حماس».
والمفارقة أن سيطرة إسرائيل على معبر رفح وقصف مناطق فى شرق المدينة وقتل عشرات المدنيين وتهجير جانب منهم جاءت عقب موافقة حماس على الهدنة التى اقترحتها مصر ورفضتها إسرائيل، رغم أنها على مدار الأسابيع الماضية كانت تتهم حماس بعرقلة الوصول إلى اتفاق هدنة بين الجانبين.
وقد ظل جوهر الخلاف بين حماس وإسرائيل يتعلق برفض الأخيرة ربط صفقة تبادل الأسرى بوقف نهائى لإطلاق النار وتمسكت بهدنة مؤقتة، بل إن نتنياهو أعلن بشكل واضح أنه سيستأنف عملياته المسلحة بعد إتمام صفقة التبادل وسيهاجم رفح فى كل الأحوال سواء سلمت حماس الأسرى الإسرائيليين أم لا.
إن رفض نتنياهو مقترح تبادل الأسرى الذى قبلته حماس يؤكد انتماءه إلى منظومة التطرف الحاكمة وجمهورها، الذى لا يقبل تحت أى ظرف إعلان وقف كامل لإطلاق النار دون القضاء على حماس وتحرير الرهائن بالقوة، وفى نفس الوقت استمر نتنياهو فى صراع مع التيار الداعم لفكرة القضاء على حماس، ولكنه يدعم فى نفس الوقت القبول بصفقة من أجل إطلاق سراح الرهائن.
اجتياح إسرائيل لرفح ليس مجرد اجتياح لجيش احتلال فى أراضى شعب آخر، إنما هو انعكاس لتوجه مجتمعى لا يحرض فقط على الكراهية والعنصرية، إنما يعطى غطاء سياسيًّا لجرائم الإبادة الجماعية وقتل المدنيين والأطفال بشكل متعمد، والاستماع الدقيق لما يقوله رموز منظومة الحكم والتطرف فى إسرائيل سيكشف أننا أمام خطاب غير مسبوق فى تاريخ الدول الاستعمارية، التى لم تعلن فى كل تجاربها الحديثة أنها تنوى إبادة شعب أو تهجيره أو الانتقام من نسائه وأطفاله.
أصرت إسرائيل على اجتياح رفح رغم الرفض الدولى، وبقى السؤال: ماذا بعد الاجتياح، وماذا ستحقق من هذا الهجوم وما سيناريوهاته؟.
الحقيقة أن هدف إسرائيل الذى لم تحققه على مدار أكثر من 7 أشهر هو القضاء على حماس وتحرير الرهائن، وإذا حققته من عملية رفح فإنها بذلك ستنُهى الحرب، وستكون منتصرة سواء بخروج قادة حماس من القطاع أو بتصفيتهم، وهو ما سيعنى أيضًا موت معظم الأسرى الإسرائيليين.
أما السيناريو الثانى فهو فشل إسرائيل فى تحقيق أهدافها من هذه الحرب فى مقابل استهدافها المزيد من المدنيين الأبرياء، وهنا قد يتدخل العالم لوقف المجازر الإسرائيلية، ويفرض وقف إطلاق نار، وهو السيناريو الذى لم يتحقق منذ 7 أكتوبر