بقلم:عمرو الشوبكي
لا يبدو أن المعارك تسير لصالح فصائل المقاومة، فالخسائر التى تكبدتها كبيرة وعدد الأنفاق التى سيطر عليها الجانب الإسرائيلى مؤثر، ناهيك عن عدد الضحايا المدنيين الذين بلغوا حوالى 25 ألف شهيد بينهم 10 آلاف طفل، كما تم تدمير حوالى ثلثى غزة نتيجة العدوان الإسرائيلى.
ومع ذلك فإن سير هذه المعارك حتى لو كان يبدو فى صالح إسرائيل، فإنه لا يعنى هزيمة المقاومة لأن الصمود ومنع العدو من تحقيق أهدافه قد يكون انتصارا، فما زالت قدرة فصائل المقاومة على منع دولة الاحتلال من تحقيق أهدافها قائمة، رغم الخسائر الكبيرة التى تعرضت لها، وحتى لو خسرت الحرب فإنها لن تخسر معركة مواصلة المقاومة بصور وأدوات جديدة حتى تحقيق النصر.
المؤكد أن معادلة النصر أو الهزيمة فى معارك الجيوش واضحة فى كل حروب العالم، من حرب الحلفاء ضد دول المحور فى الحرب العالمية الثانية، مرورا بحروب الجيوش العربية فى مواجهة إسرائيل وانتهاء بحرب روسيا ضد أوكرانيا، ولكن الأمر أكثر تعقيدا فى معارك الشعوب؛ أى تلك التى يدخل فيها الناس طرفا فى المعارك مثلما جرى فى مصر والعالم العربى أثناء العدوان الثلاثى فى 1956 حين صمد الشعب وقاوم فانتصرت مصر، أو كما جرى فى تجارب التحرر الوطنى فى العالم كله حين واجهت الشعوب القوى المحتلة بنضال شعبى أو مسلح، كما حدث مع جبهة التحرير الوطنى الجزائرية أو المؤتمر الوطنى الإفريقى أو مع فصائل المقاومة المسلحة فى غزة.
أن إضعاف حماس عسكريا أو تفكيك قدرتها العسكرية صار واردا ولكنه لن يعنى نهايتها أو اجتثاثها كما يتحدث قادة الاحتلال، لأنه حين يتعلق الأمر بتنظيم مقاوم فإنه يستمد قوته ليس أساسا من تنظيمه العسكرى إنما من بيئته الحاضنة التى تناضل من أجل التحرر والاستقلال، ويصبح معيار الهزيمة ليس خسارة حرب إنما قبول الاحتلال والتسليم بسلب الإرادة، وهو ما لم يحدث بالنسبة للشعب الفلسطينى منذ النكبة وحتى الآن.
إن الحاضنة الشعبية لأى تنظيم مقاوم سواء كان حماس أو غيرها، قادرة على أن تفرز تنظيما آخر مهما كان اسمه أو عقيدته، وسيكون هدفه الوحيد هو زوال الاحتلال وليس الانتصار على الجيش الإسرائيلى.
لم يحدث فى عالمنا المعاصر أن انتصرت قوة احتلال على قوة مقاومة رغم فارق العدة والعتاد، فالفارق بين مقاومة فيتنام وأقوى جيش فى العالم (أمريكا) كان هائلا، ومع ذلك انتصرت فيتنام، والفارق بين جيش فرنسا وجيش التحرير الجزائرى كان ضخما، ومع ذلك انتصرت المقاومة الجزائرية، وسيبقى الفارق هائلا بين قدرات جيش الاحتلال الإسرائيلى وفصائل المقاومة الفلسطينية، ولكنها تمتلك الإرادة والصمود ولا تعتبر هدفها هزيمة الجيش الإسرائيلى إنما استنزافه وإجباره على الانسحاب وإجبار دولته على إنهاء الاحتلال