بقلم:عمرو الشوبكي
تتشدد أوروبا كل يوم في مواجهة الهجرة غير الشرعية، وتفرض قيودا على الهجرة الجديدة، وهناك قوانين تضعها معظم الحكومات الأوروبية من أجل تقليل أعداد المهاجرين وطرد غير النظاميين منهم، وحتى من يقيمون بشكل شرعى فإن هناك ترصدا لأى خطأ يرتكبونه من أجل طردهم.
هذا التوجه العام الذي دفع الحكومة الفرنسية إلى طرح قانون جديد وصفته بإصلاح الهجرة، دفع آلاف الفرنسيين (أغلبهم من أصول مهاجرة) يوم الأحد الماضى إلى التظاهر في باريس ومدن أخرى ضد القانون المقترح.
وينص القانون الجديد على تشديد مكافحة الهجرة غير النظامية، وتسهيل طرد الأجانب الذين لا يحترمون «قيم الجمهورية»، وهو تعبير فضفاض ظل محل جدل؛ لأن عدم احترام قيم الجمهورية لا يقوم على مخالفات جنائية إنما يتدخل في سلوك وشعائر الناس وفق معايير لا تجدها في بلدان أوروبية أخرى مثل ألمانيا وبريطانيا، بل وتعتبر طبيعية. كما تضمن مشروع القانون إجراءات تضييق على المهاجرين غير النظاميين بينها السجن مدة تصل إلى عامين، وتسهيل ترحيلهم إلى بلدانهم دون إذن قضائى، والمعروف أن فرنسا تصدر كل عام ما يقرب من 120.000 قرار ترحيل من أراضيها لا ينفذ منها إلا أقل من 10٪.
بالمقابل فقد تعامل القانون بشكل شديد العملية مع المقيمين بشكل غير قانونى وتحتاجهم سوق العمل، فقد سمح بتسوية أوضاع العاملين في القطاعات التي تعانى نقصا في اليد العاملة، أو كما قال وزير العمل الفرنسى في مقابلة مع صحيفة «اللوموند» الأسبوع الماضى إن الحكومة تريد منح تصريح إقامة خاص لـ «المهن المطلوبة» في القطاعات التي تعانى نقصا في اليد العاملة، وأضاف أن «تصريح الإقامة الخاص سيكون متاحا لتسوية الوضع إذا تم إثبات العمل في اختصاص مهنى مطلوب».
مسألة تقنين وضع العاملين غير القانونيين في فرنسا أمر إيجابى، خاصة أن الحكومة اعترفت أن معدل البطالة حين وصل إلى 7.5٪، كان معدل العمال المهاجرين منه 13٪، بما يعنى أن هناك اعترافا بالمشكلة ومحاولة لحلها.
وفتح النص القانونى الجديد للعامل بصورة غير نظامية حق التقدم بطلب تسوية بنفسه، «بدون المرور بصاحب العمل»، الذي يمكن أن يكون له «مصلحة» في الاحتفاظ به مختبئا حتى لا يدفع التأمينات المطلوبة، وهو أمر متكرر في كثير من الورش والمصانع الصغيرة وبعض المطاعم. ويبقى هناك صعوبة في تحقيق ذلك لأن كثيرا من هؤلاء العاملين سيخشون من طرد صاحب العمل لهم حين يعلم بتقديمهم أوراقا للعمل بشكل قانونى.
القانون المقترح في فرنسا يشبه توجه معظم البلاد الأوروبية بخصوص مسألة الهجرة، باستثناء ألمانيا التي فعلت العكس وقدمت هذا العام قانونا جديدا يشجع على الهجرة وفق ضوابط، على خلاف التوجه السائد في أوروبا، وهو ما يستدعى حديثا آخر.