بقلم:عمرو الشوبكي
على مدار أكثر من أسبوعين خرجت عشرات التصريحات من قادة دول غربية، ومعهم مسؤولون أمميون، حول ضرورة احترام إسرائيل القانون الولى والإنسانى، والبعض تكلم عن هدنة إنسانية متعثرة ووقف إطلاق نار غائب. ولكى يعرف القارئ الكريم كيف تحولت إسرائيل إلى دولة استثناء فوق القانون سأعرض بعض التصريحات التى ذكرها قادة عالميون، وظلت حبرًا على ورق.
قد تكون البداية مع تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون مع قناة «بى بى سى» ومطالبته بوقف إطلاق النار فى غزة لأن هناك أطفالًا ونساء وشيوخًا يموتون، وكلهم لا علاقة لهم بحماس، وبعدها تشجعت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الفرنسية لتقول: «ليس من حق إسرائيل أن تقرر من سيحكم غزة فى المستقبل»، «إن القطاع يجب أن يكون جزءًا من الدولة الفلسطينية المستقبلية».
أما جوزيف بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية، فقال: «أشعر بالفزع إزاء العدد الكبير من الضحايا فى أعقاب القصف الإسرائيلى لمخيم جباليا للاجئين»، «يجب تطبيق قوانين الحرب والقوانين الإنسانية دائمًا بما فى ذلك عندما يتعلق الأمر بالمساعدة الإنسانية»، «هذه الأعمال العدائية تؤثر بشدّة على المستشفيات وتُلحق خسائر مروعة بالمدنيين والأطقم الطبية».
ورغم تكرار الحديث الغربى والعربى عن ضرورة حماية المدنيين إلا أن إسرائيل استمرت فى استهدافها للمدنيين من أطفال وشيوخ ورجال ونساء حتى اقترب عدد الضحايا المدنيين من ١٥ ألف شهيد، بينهم حوالى ٥ آلاف طفل، وهو رقم مفزع وغير مسبوق فى تاريخ الحروب التى شهدها العالم عقب حرب فيتنام. أما فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فقال: «الصور التى التُقطت فى أعقاب القصف الإسرائيلى على مدرسة الفاخورة مروعة، وتُظهر بوضوح أعدادًا كبيرة من النساء والأطفال والرجال الذين أصيبوا بجروح خطيرة أو قُتلوا، وإن الأحداث المروعة التى وقعت خلال الساعات الـ48 الماضية فى غزة تفوق التصور».
«مقتل هذا العدد الكبير من الأشخاص بالمدارس التى أصبحت ملاجئ، وفرار المئات للنجاة بحياتهم من مستشفى الشفاء، وسط استمرار نزوح مئات الآلاف إلى جنوب غزة، أفعال تتعارض مع الحماية التى يجب توفيرها للمدنيين بموجب القانون الدولى». المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس جيبرييسوس، قال: «إن الوضع الحالى لا يُطاق ولا يمكن تبريره».
أما الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، الذى تعرض لهجوم إسرائيلى واسع لأنه قال إن المشكلة بدأت قبل عملية ٧ أكتوبر (التى أدانها بشكل قاطع) بسبب سياسات الاحتلال الإسرائيلى، وطالب بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين والمستشفيات ومنشآت الأمم المتحدة والملاجئ والمدارس. كل هذه التصريحات لقادة كبار ومسؤولين أمميين تبخرت، ولم تُترجم حتى الآن فى إجراء دولى واحد يُجبر إسرائيل على وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، إنما ظل مجرد كلام لا يُنفذ أمام جبروت دولة استثناء فوق القانون والشرعية الدولية.